لا تترك إسرائيل أية مناسبة إلا ويكون لها تواجد وصوت واستفزاز للرأي العام العالمي أيضا . ويعرف العالم أن لها “ في كل عرس قرص” . وكالعادة تنتهز الفرص لتبدو للعالم وكأنها الضحية وتمثل أيضا في ذات الوقت أنها الأسد الضرغام الذي لا يمكن أن يهزم . ولعل ما يحمله بيريز ونتنياهو والوفد المرافق الى المؤتمر الاقتصادي العالمي في دافوس من قلق خفي يزعجها . . فالمبادرات في العالم تزداد بالمناداة لمقاطعة اسرائيل اقتصاديا ، جراء أفعالها و بخاصة محاولاتها المستمرة في افشال عملية السلام منذ سنين طويلة . وإن كان تخوفها مخفيا فهي في دافوس تخاف فعلا لأنها تواجه أعضاء ( الاتحاد الاوروبي) الذي يدعو للمقاطعة وبخاصة منتجات المستوطنات اليهودية . وتعتبر المستوطنات وفق القوانين الدولية غير شرعية كونها تحت الاحتلال و مقامة على أراض عربية . وقد طالب الاتحاد الاوروبي بضرورة وضع ملصق على المنتج للتعريف بمصدره والبلد التي صدرته .
يؤكد هذا التخوف والذي ازداد مؤخرا في اسرائيل تحذير مئة شخص من كبار الرأسماليين الاسرائيليين من تأثير المقاطعة السلبي على الاقتصاد الاسرائيلي و هناك احصائيات تشير لذلك . وكالعادة أيضا فقد حاول بيريز ونتنياهو في دافوس، التقليل من أهمية المقاطعة , ويبدو ذلك واضحا في كلمة بيريز , حيث قال : “ إن بامكان اسرائيل تجاوزها كما تجاوزتها منذ الانتفاضة الثانية “. بالاضافة وبغرور القويّ يفاخر نتنياهو بأن المقاطعة زادت اسرائيل ازدهارا “, فقد زدنا استحداثات واختراعات ولم يكن لنا بديل. “ هذا رغم أن بعض اتحادات عمال أوروبا وقعت اتفاقيات عام 2013 للمقاطعة . ويرى نتنياهو بعنجهيته أن اسرائيل يمكنها أن تصمد .
والحقيقة أن هذا الغرور ينبع من عدم الالتزام بالمقاطعة لاسرائيل , وهناك أمثلة عربية وأجنبية مما يشجع اسرائيل على هذا التحدي . ولكسر غرور المحتل لا بد من الالتزام بالمقاطعة الاقتصادية الذي كان نيلسون ماندلا يشجع الفلسطينيين عليها وكان ينادي بها ويطبقها في مسيرته النضالية و يعتبرها سلاحا فعّالا .
بالاضافة ، كان هناك ولا تزال مبادرات أكاديمية أيضا لمقاطعة اسرائيل أكاديميا وثقافيا . كان من أبرزها عام 2013 نداء ( جمعية الدراسات الامريكية ) , حيث صدق عليها 66% من أعضاء الجمعية واسعة الانتشار . سبق هذه الدعوة في الغرب مبادرة في بريطانيا من الأكاديميين عام 2002. وقد نشر الأكاديميون رسالة مفتوحة مدفوعة الثمن في جريدة (الغارديان ) البريطانية , تدعو المؤسسات الثقافية والبحثية والقومية التي يمولها الاتحاد الاوروبي الى فرض عقوبات على اسرائيل ما لم تلتزم بقرارات الأمم المتحدة وتبدي منحى جادا في المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين. ومنذ ذلك الوقت تتابعت المطالبات بمعاقبة اسرائيل , وقد نادى من بينهم مجلس الكنائس العالمي أيضا .
وكما القول: “ في الحركة بركة “ تحرك عدد من الأكاديميين الفلسطينيين وقاموا بجولات في جامعات مناصرة للفلسطينيين في أمريكا وأوروبا للمتابعة ومواصلة الدعوة بحق الفلسطينيين بتعليم حر وديمقراطي, متحررا من الاحتلال الاسرائيلي المستفحل. كلنا أمل أن تقوم الجماعات المتربصة لمؤتمر دافس أن تسمع الصوت وتحرك هذا الموضوع , لعلها تقلل من غرور هذا الاستعمار الذي يزداد وحشية وهو لا يزال يحاصر غزة ويزيد عدد الاسرى الفلسطينيين, ويسرق زرعها ويبني المزيد من المعابر ليؤخر استمرار الدراسة في الجامعات, ويبني المزيد من المستوطنات ويصدر المنتوجات المزورة على أنها من أرضهم. و لا شك أنه من غير رفع صوت العرب والمناصرين الاجانب للقضية الفلسطينية , ستظل اسرائيل تعيث في الارض فسادا والعالم يتفرج .!