حسنا يفعل الفلسطينيون وقد صمموا – كما نأمل – أن يسيروا وفق “خريطة طريق” جديدة هي الأمم المتحدة، المكان الذي يستطيع العالم محاكمة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني والتي ترتقي الى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية منذ 1948 . هذا يأتي ونحن نسمع بتصريحات أصبحت صريحة تتناقلها وسائل الاعلام عن شخصيات فلسطينية مسؤولة على خلفية ما يشير الى” إمكانية فشل المسار التفاوضي “ الذي أصبح فعلا في حكم الفاشل . وأصبح هذا واضحا بالنسبة لمن كان يحلم بأن أمريكا قد تغير سياستها المتحيزة لاسرائيل .
بعد سنين طويلة تعلم الفلسطينيون أكثر عن “خرائط الطرق “، و أن الطريق التي تحاول اسرائيل وحليفتها أمريكا المضي بالسير قيها غير سالكة، بل هذة الطريق الوعرة أصبحت غير مناسبة للسير بين أشواكها ومنحدراتها المخيفة، وبخاصة أن المشوار ليس لشمة الهواء وقد أتعب الفلسطينيين ومن يهتم بقضيتهم المعقدة . يبدو أن هذه البلبلة التي خلقها كيري، قد تكون” نعمة “ لأتها فعلا حركت المياه الراكدة وجعلت الأصوات أكثر ارتفاعا لقطع الشك باليقين . فالاجماع الفلسطيني كما يبدو على “ رأي واحد “ وهو الذهاب للأمم المتحدة بعد 29 نيسان والذي نرجو أن لا يمدد كما تريد أمريكا وصاحب الاطار كيري .
منذ أيار 1948 عندما أعلن الصهاينة قيام “ دولة إسرائيل “ لم تتوقف يوما عن بناء المستوطنات والمضي في تهويد الأرض وطرد أصحابها الاصليين . كان هذا بدعم سخي من أمريكا بالمال والانحياز لكل ما تقوم به . وكيف لا وأمريكا كانت السباقة للاعتراف “ بدولة اسرائيل “ بعد إحدى عشرة دقيقة على هذا الاعلان . فالقوة والبطش وتهجير الفلسطينيين وهدم القرى، ما زاد في مساحة الأرض التي قررها التقسيم، والذي رفضه الفلسطينيون -عن حق – وأن كان البعض يبكي عليه اليوم دون التدقيق بعواقبه .
أقرت الأمم المتحدة القرار رقم 194 بحق الفلسطينيين بدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس . إلا أن هذا القرار وغيره لم يحترم من إسرائيل، ولعل ما تقوم به من تهويد للقدس ودفع اليهود لهدم المسجد الأقصى بناء الهيكل المزعوم ليدل على خططها وطرقها والاطارات التي يحاول كيري جاهدا فرضها على الفلسطينيين . مسألة سرقة القدس بكاملها ومنع الفلسطينيين من الحلم بالصلاة في الاقصى، يكشف مدى هشاشة القرارات الدولية وعدم احترامها . لقد مضت إسرائيل منذ 1967 اتخاذ الاجراءات لضم القدس وضواحيها وتهويدها على سمع وبصر من العالم والأمم المتحدة وبخاصة أنها طبقت القوانين الاسرائيلية عليها رغم أنها دولة محتلة .لا نرى إنها المرحلة الاخيرة كما تبدو لكيري والبعض، بل إنها بداية لمزيد من الاستعمار الاسرائيلي . وكيف لا وهي تريد نقل قدس الفلسطينيين والمسلمين الى خارج الأسوار لتكون بيت حنينا . تحاول نزع حمايتها من الاردن، بالاضافة لسرقة وقفها . وهي تريد حرمان الفلسطينيين” ونسلهم “ من العودة . استفسر المتحيزون لاسرائيل في الكونجرس الأمريكي من الانروا عن عدد نسل الفلسطينيين الذين ترى أنهم ليسوا لاجئين ولا يحق لهم المساعدة من أموال أمريكا كما لا يحق لهم العودة ولكي تقطعهم من الجذور .. الرفض لتمديد المفاوضات والتمسك بالثوابت والذهاب للأمم المتحدة بعيون مفتوحة والشك بمواقف الدول المتحيّزة يحب أن تظل نصب الأعين؛ لأن هناك أيضا من هو مع دولة فلسطين، من دول العالم الشرفاء سيقفون معها !