أهالي لفتا المهجرون منذ 1948  ظلوا قربها  في أراضيهم المقدسية، في أرض السمار والتلة الفرنسية والمشارف، ووادي الجوز، وفي رام اللة القريبة . لم ينسوا لفتا النائمة في حضن القدس ولم ينس أهل لفتا أراضيهم التي  بنيت عليها المستوطنات  . لم ينسوا بقية الأراضي الفلسطينية التي تسرق كل يوم .  وبدعوة من (جمعية أبناء لفتا المقدسية ) لبى أهالي لفتا الدعوة لزيارة الآباء والاجداد وليحيوا الأرض  المهجورة في “  يوم الأرض “ . من كل عام ومع بقية الشعب الفلسطيني الغاضب يؤكدون التمسك بالأرض، والاستمرار بالنضال لتحريرها. وتذكير إسرائيل بثورة 30 من آذار 1976 ضد سياسة الاحتلال التي صادرت ما يزيد عن 65 %من أراضي الضفة الغربية ويتذكرون الأرض الطيبة .


نساء ورجال لفتا يقومون بزيارة القرية، وكأنهم يزورون الآباء والأجداد . الدعوة للاشتراك تثير المشاعر الأليمة  إذ تقول “: التجمع الساعة  8 في أرض السمار، كل مشارك يحضر طعامه،  يتم توزيع زجاجة ماء، إحضار مجرفة أو مشط أرضي ..”  سيزور الأولاد والأحفاد الأرض  الجميلة . والفرق أن  أيام زمان، عند زيارة الأهل فأنت لا تأخذ طعامك معك، لأن أهل لفتا كانوا كرماء وخيراتهم كثيرة يذبحون الحلال في أرضهم ويطبخون المنسف للضيف، ويأكلون من خضار وفاكهة حواكيرهم  التي سقوها بعرقهم”  وماء عينهم “.  أفراد العائلة في هذه الزيارة  لن يستطيعوا  أكل الطعام في ساحة القرية القريبة من عين لفتا ويشربوا ماءها المهجورة الملوثة  ولن يسمعوا زغاريد الجدات تلعلع .ولن يدخلوا البيوت المهدمة في غياب الغائب المشرد . المجرفة التي يحملونها، فلكي ينظفوا بها  مقابر الأجداد من شوك اليم  وصل العظام. وهم يصلون على أرواح الأجداد، وسيسمعونهم يقولون “ الله يرضى عليك يا ابني  “ “ أنا الأرض في جسد “ .


أهل لفتا يحلمون أن يعيدوا حياة كانت سعيدة، يرفضون محاولة تحويل القرية الجميلة الى  ضاحية يهودية حديثة ليسكنها أغنياء اليهود من أنحاء العالم وهدم ما تبقى من حجارة لفتا الصلبة  . يحلمون بالعودة ويتذكرون أعراسهم،  يحلمون  كما في قصة “ العنقاء “ كتاب ( عزوز يغني للحب : قصص فلسطينية من ألف قصة وقصة ) للكاتبة. ص 37 )  
“وصل حسن النافع الى لفتا بعد هجرة عمرها نكبة وعشر سنين . استقبله بيت أبيض مسمسم بشبابيك مشرعة . سلم على الأهل والجيران . رحبت به الاشجار والأزهار، وطابون الطين والصلصال . شم في الرماد رائحة خبز مجفور برضف الوادي التليد  .


استلم هدايا المحبين . من سكر وطحين من الذهب الثمين، زيت وزعتر وسمن وعسل . عنب وتين ورمان وزيتون . بيض وجبن ورز ولحم سمين . ورشاديات ذهب أربع وعشرين . رقص وهو على حصان أصيل والقوم يغنون :
وين أزفك وين يا بو عيون السود / عالصخرة الشريفة والنبي داوود
وين أزفك وين يا بو عيون ملاح / عالصخرة الشريفة والنبي جراح
وغنت النساء :
الوادي الوادي مشيها يا حسن / الوادي الوادي
ذهب رشادي لبسها يا حسن    / ذهب رشادي
سمع حسن غناء طائر له عنق طويل وريش من لهب ونور يخرج من الرماد . استيقظ الشيخ من نومه العميق على صوت الجلاد يقول: سنهدم ما تبقى من بيوت لفتا قبل ان تولد العنقاء من جديد ..”.

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment