وصل ربيع الطبيعة الجميلة غير المزيفة هذا العام مبكرا  رغم قلة المياه التي ننتظرها . وباللون الأخضر في السهول والجبال  تسمع الصوت يقول : أنا هنا . ولعل وصوله يساهم في تقليل سمعة  الألوان غير المبهجة التي لونتها السياسة  بألوانها غير الثابتة لليوم  وبعد أن طغت عليها الأحداث غير المرضية في “ الربيع العربي  “الذي انتظره الناس بفرح علّ القلوب تعمر بالعشب الاخضر , وسهول القمح الوفير  والورد الاحمر , ليغرد  الناس وينشدوا مع طيور الحرية . فالطبيعة التي تبتهج كل عام بوصول الحياة  والتي نأمل أن تؤثر على عواطف وعقول الناس كما أثّر  “الياسمين التونسي “على ربيعهم الذي  يتجذر بعد خوف من  طرق لم تكن سالكة .


منذ الطفولة تنتابني نفسية ايجابية بفعل الربيع الذي انتظره أينما كنت , ولا زلت أذكر مقالة انشائية كتبتها  ,وأنا في الصف الاعدادي  في مدرسة زين الشرف , في عمان .    وقد أعجبت معلمة العربي ست وجيهة العوري  رحمها الله , التي شجعتني على نشرها في مجلة الجيل “الجديد “  التي كانت تصدر في إربد . وكان عنوانها “ الطبيعة تحفة لا تقلد “ , وصفت فيها جمال الطبيعة الكريمة بألوان الربيع الجميل , ووثقت مشاعري وعواطفي الطبيعية أيضا  ولا زال فعل اللون والرائحة الطيبة وتأثيرها على مشاعري وعواطفي قوية  . تأكدت من ذلك وأنا أجدد ذلك قبل أيام في يوم صادف احتفال العالم  “بيوم المرأة العالمي “ . فقد أمضيت النهار وأنا  أزرع الربيع  لتجديد شبابي  وشباب  “ بلكونين”  أعتبرهما حديقتي الخاصة .


وفي الواقع فليس هذا بغريب , فقد لعبت الازهار والنبات دورا هاما في حياة الافراد والجماعات وأثرت على حياتهم الاجتماعية والنفسية  , وأيضا الاقتصادية هذه الأيام , إذ تعتبر الازهار  إحدى السلع التي توفر دخلا مجزيا لتجارها  .  فمنذ القدم استعملت الازهار  للزينة والفرح , وشكل ذلك أهمية في شحذ مشاعر الفنانين والمهنيين برسم صور بعض النباتات كلوحات فنية جميلة لتزيين الدور وأماكن العبادة وبخاصة التي تحمل الرموز .  بالاضافة فقد طرزوها على الازياء الشعبية التقليدية أو الأواني الفخارية أو النحاسية, ولا زالت الزهرة الحية , لها تأثيرها على حياة الناس ونفسيتهم .


وتستعمل النباتات العطرية للتخفيف من الالم , بالاضافة , و كما تشير دراسات علمية متخصصة , بأن  تلقي  الفرد باقات من الأزهار أو الورود وبخاصة المرأة , تعزز احاسيس السعادة , وتقوي الرغبة بالتواصل الاجتماعي بغض النظر عن حالتها الاجتماعية . وقد أثبتت الدراسات أيضا أن لرائحة الورود مفعولا قويا يؤثر على مزاج المرأة  والرجل , الا أن التأثير يختلف حسب قوته واختلاف رائحة الزهرة . ولهذا السبب  قامت مصانع العطور في العالم بانتاج أنواع من العطور المستخلصة من الازهار والنباتات ,  لتناسب الأ ذواق المختلفة .  فمنه ماهو حلو وناعم  ومنه ما قوي ودافئ مثل التوابل. بالاضافة فلألوان الأزهار أيضا تأثير على النفسية والمزاج . مثلا ,  الأحمر يزيد الحيوية والاحساس بالدفء والبرتقالي  يحفز الشعور بالثقة , والأزرق يشعر الانسان بالراحة , والابيض بالسلام والمحبة والاصفر بالنقاء الفكري ورؤية واضحة .


الربيع جاء مبكرا , والورود الحمراء  تنشر الحب والمحبة , والفل والياسمين يستعد للاطلالة الحلوة والنرجس والبنفسج والمنثور والقرنفل تتحفز والكثير غيرها تستعد للحضور .  هناك  ذلك العدد  الكبير من الازهار البرية في الاردن وفي البلدان العربية , ستفرش السهول والجبال تتقدمها”زهرة “ أو زهرة النعمان , لتزيد من جمال الطبيعة التي لا زلت أقول كما في الطفولة “الطبيعة تحفة لا تقلد “. وأضيف اليوم  أن ما يجري حولنا في عالم اليوم من مآس انسانية , تدمر الأرض والانسان  تجعل الناس في حالة نفسية متأزمة . ولعل النباتات والازهار الربيعية  تساهم في تصالح  النفوس بدل ترياق يطول  البحث عنه من أجل ربيع دائم ومزهر . !

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment