الشارع عادة له لغة خاصة، يتكلم باللهجة الشعبية، بالصوت والصورة ويتحرك بالتعبير بالجسم، الذي له رقصته الخاصة المليئة بالاحاسيس . هذه اللغة الانسانية لا تأتي في أوقات السلم كما الحرب، وتزداد حركة وانفعالا وتعبر عن مكنونات النفوس التي تحركها الأحداث التي تحصل في المجتمع، سواء أكانت محلية أم دولية . الشارع العربي الغاضب والمتحرك منذ “ الربيع العربي “ المسمرة فصوله . ضحكت وتفاعلت وسمعت الرسالة أكثر من مرة وأنا مفتونة، بالمرأة المصرية التي ألفت “ رسالة لأوباما “ في الشارع وهي متـاكدة أنها ستصله على جناح سرعة التكنولوجيا الحديثة مترجمة ترجمة فورية من السفارة في جاردن سيتي في القاهرة . أرسلتها بالصوت للرئيس أوباما، تخاطبه باسم المرأة المصرية بصوتها الوطني، لتصبح الكلمات” أغنية راب “، يرقص ويغني عليها شريحة من الناس، بالاضافة أنها تحمل في مضمونها انعكاسا لما يجري في مصر من تطورات سياسية ومنافسة بين أنصار السيسي المرشح المحتمل للرئاسة وأنصار مرسي الرئيس المخلوع .
المرأة المصرية صاحبة الرسالة، سمحة الوجه محجبة بحجاب أخضر اللون، ترفع شارة النصر، وبفم ملئ تشع من بين شفتيها أسنان “ مفرقة “ – يوصف مثل هذا الجمال “ بالمسعدة “ أو ذات الحظ الجيد في التراث العربي – تقول لأوباما باللغة الانجليزية على الطريقة المصرية الشعبية المحببة وبجرأة بنت البلد، تقول : رسالة بقى لأوباما : “ ويي أر ايجيبشين وومين”، أي نحن نساء مصر، “أوباما شت أب يور ماوث “، أي .أغلق فمك أوباما،” سيسي ييس.. مرسي نو”، أي سيسي نعم .مرسي، لا “. بكل هذه البساطة تخاطب رئيس أقوى بلد في العالم، بثقة وبصوت عال والنساء يتحركن حولها في الشارع . صوت المرأة يرتفع في يوم عيدها بأسلوب يفهمه أوباما وشعبه بلغة الجسد والصوت. فأغنية الراب وجدت في الولايات المتحدة الأمريكية منذ الستينيات وانتشرت في السبعينيات، على يد الأمريكيين الأفارقة، لكي يعبروا عن أنفسهم وألمهم وهم يرقصون على نغمات نبض الشارع ا الذي يتمثل في مزج الموسيقى بكلام ليس له جنس أدبي، وليصبح ثقافة شعبية أنتشرت في العالم ليتبناها الشارع في كل مكان وبكل اللغات . ولعل الملايين الذين اعجبت بمغني وراقص الراب،في كوريا الجنوبية PSY، والذي أصبح له أسلوب مميز سمي بـ
Gangnam Style نسبة لبلده، تعزز هذا النوع من التواصل الاجتماعي شديد التأثير، سواء أكانت الرسالة ترفيهية، أم سياسية . ولا ننسى أغاني الراب وثقافة الشارع الشعبية في الجزائر والمغرب التي برز فيها مغنون لاقوا انتشارا في العالم مثل الشاب خالد ..
أكاد أجزم أنّ أوباما سمع رسالة المرأة المصرية البسيطة، التي تحولت الى أغنية “راب “بثتها مواقع الاتصال الاجتماعي لتضحك أو تبكي الناس كما في برنامج باسم يوسف النقدي الترفيهي . وكما يتحرك الشارع فلا بد أيضا أن أوباما تحرك ليس للرقص، بل وهو يحك رأسه أو “يهرشه “، وهو يفكر ما العمل . يبحث عن حلول لقلقه الذي يبدو واضحا في سياساته المتقلبة وغير الثابتة بالنسبة لمصر، كما في البلدان العربية الأخرى وبخاصة فلسطين، التي أصبحت الحلول مرتبطة باسم رسوله كيري . الشارع المصري يغضب ويغني ويرقص ويرفع الصوت من خلال وسائل الاتصال الشعبية التي أخذت تتنامى وتنتشر للتعبير عن الرأ ي العام في السنين الاخيرة، مثل الشارع في سوريا وتونس، وليبيا، والسودان و واليمن منذ سنين الربيع العربي ، ولا ننسى الشارع الفلسطيني الذي عبر عن صوت الشعب الفلسطيني والعربي ليس منذ النكبة فحسب، بل قبلها بمئة عام وأكثر ضد المستعمر الجديد والقديم.
ويظل السؤال يتردد من المرأة المصرية والرجل أيضا، وهم يعبرون عمن يريدون رئيسا جديدا في الانتخابات الرئاسية المنوي اجراؤها قريبا. فهل وصلت الرسالة أو أن أوباما لا يزال “ يهرش “ رأسه ويفكر ! ولننتظر الجواب إذا كان هناك جوابٌ واضح !؟