الأخبار المهمة التي تبرز و تشغل الرأي العام هي القديمة الجديدة ولعل أبرزها القضية الفلسطينية التي ما زالت الأهم . وقد تحولت كثير من الاخبار الى شائعات . تسمع المجتمعين سواء في محل عام او خاص , يتساءلون: “ شو في أخبار “ ؟ . وقد اصبح السؤال هذه الأيام كأنه موحَّد لمن يعمل في الإعلام أومن يهمه الأمر أو لا يهمه . في الحقيقة رغم ما يقال عن وجود “اعلام عربي” إلا أن الاجابة على سؤال “ أي سؤال “ يؤرق الرأي العام يظل دون جواب ليصبح “ شائعة “ وذلك لأسباب منها : ان الأخبار تقتضب أو يلفها الغموض, أو لعدم وجود أخبار , او للتضارب في الافكار وعدم الثقة , بالاضافة الى الانفعالات والتوترات التي تجعل الفرد يتخبط ويقبل بكل ما يسمع من هنا وهناك . كان هذا لا يزال معمولا به .
مشكلتنا أن اعطاء المعلومة أو تصحيح الصورة وايصالها للرأي العام تأتي عادة متأخرة وليس مثل عدوتنا إسرائيل التي لا تتوقف عن بث الاخبار الملفقة وتشويه الحقائق والتأثير على الرأ ي العام العالمي والنشاط المستمر بالدعاية لإسرائيل .
كان هذا دأبها منذ المؤتمر الأول للصهيونية – بازل 1897- حيث وضعت استراتيجية ونظريات وخططا اعلامية . استطاعت اسرائيل النفاذ الى اليهودية العالمية , حيث أعدتهم للهجرة الى فلسطين تحقيقا “ للنبوءة “ الدينية اليهودية بإقامة دولة يهودية . وكما نرى اليوم فالوقت بالنسبة لها قد حان لـ” يهودية الدولة “ التي تعني أن على العرب نسيان حق العودة الى فلسطين , ومن يبق فهو تحت نظام استعماري عنصري كما كان “الابرتاهيد” جنوب افرقيا والذي رفضه العالم أجمع .
أسوق هذه المقدمة وأنا أقرأ عن انطلاق “ أسبوع الأبرتهايد الإسرائيلي “ الذي ينطلق من نشطاء فلسطينيين ليجوب 230 مدينة حول العالم لمدة شهر .. أما الهدف فهو التنديد بممارسة إسرائيل التمييز العنصري و”الابرتهايد” ضد الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، ويشمل ذلك الفعاليات والمحاضرات والتوعية والتأثير على الرأي العام العالمي لإبراز وجه اسرائيل القبيح .
كانت مثل هذه المبادرة قد اقيمت العام 2005 لمدة شهر أيضا . لنقف عند هذا التاريخ لنرى أن الممارسات الاسرائيلية وأساليب قمع الفلسطينيين في سجونهم أو في أرضهم (السجن الكبير تحت الاحتلال) , قد زادت وتعززت لنشاط يهود العالم والمتحيزين لإسرائيل منذ أكثر من قرن من الزمن , بينما وقفت المبادرة العربية موضوع البحث التي جاءت متأخرة في رفع الصوت والتأثير على الرأ ي العام . . وكما هو معروف فالرأي العام لا ينشأ نتيجة الخطابات والمحاضرات و الكلام فحسب, بل لا بد له من ناشطين عالميين ومساندة مادية ومعنوية بأفعال مستمرة . إضافة لتضافر العوامل الإعلامية والثقافية والاكاديمية والشعبية من أجل احداث التغيير . إن تكامل النشاطات السينمائية والأدبية بأنواعها من شعر وفن ورسم ومعارض ورقص والفن الشعبي من الضروريات لإحداث تغيير لصالح القضية الفلسطينية المتعثرة.
تمر القضية الفلسطينية في مرحلة حرجة بل الأخطر، نقول ذلك ونحن مع كل محاولة جادة لفضح اسرائيل، مع أن العالم أصبح يعرف أنها دولة استعمارية كارهة للسلام وحقوق الانسان . ولعل ما تقوم به بعض الدول الغربية من “مقاطعة “ لإسرائيل يبرهن على ذلك , فإذا لم يستمر وفق استراتيجية جادة سيفشل لأن إسرائيل مستمرة في استراتيجيتها التاريخية لاحتلال فلسطين بكل الوسائل الواضحة والغامضة وبدعم من حليفتها أمريكا واللوبي اليهودي المسيطر .