خبر مثير للإهتمام سمعناه من ( جمعية يوم القدس ) التي يرأسها د. صبحي غوشة :” اتحاد الجامعات العربية اتخذ قرارا بتدريس “ تاريخ القدس “ كمساق “الزامي “ في جميع الجامعات العربية , في مرحلة البكالوريوس والماجستير “. خبر جميل جاء في الوقت الذي تعاني القدس من مواصلة إسرائيل احتلالها وطرد أهلها العرب من مسلمين ومسيحيين وتهويدها,لتكون عاصمتهم الأبدية . ولعل ما يجري اليوم من محاولة ايجاد “ قدس بديلة “ خارج أسوار البلدة القديمة وبعيدة عن الأماكن المقدسة , ليؤكد أهمية وضرورة تعليم الطلاب تاريخ هذه المدينة التي تختلف عن كل مدن العالم لخصوصيتها الدينية والسياسية عبر التاريخ .. فالتاريخ سجل الحقبات التي مرت بها القدس وناسها , منذ العصر الروماني والبيزنطي والأموي والصليبي والايوبي والمملوكي والعثماني , والانتداب البريطاني , وها هو يسجل حقبة الاحتلال الصهيوني أعتى استعمار في التاريخ الحديث .
لا بد من القول أن هذا القرار كان بمواصلة جهود الجمعية مع الإتحاد , وإن جاء متأخرا. هناك أجيال من طلاب التاريخ والجغرافيا والعلوم الاجتماعية والانسانية والانثروبولوجيا والعمران والسكان والثقافة والتربية والتعليم لا يعرفون عن القدس الا القليل لأنهم لم يتعلموا عنها ولم يقرأوا الوثائق ولا المعلومات ولم يكتبوا الابحاث الموضوعية بالاضافة لم يكتبوا عنها الشعر والرواية والقصة بالشكل اللازم لكي يبقوها عميقة في العقل والوجدان . . وبالمقارنة , فإن القدس في المناهج الاسرائيلية حيّة وعميقة في الوجدان . فالطلاب في اسرائيل يتعلمون عن القدس في كل المساقات في كل المراحل . اسرائيل وضعت مناهج خاصة لتنشئة وتكوين الطلاب ليؤمنوا بأن القدس لهم وستبقى للابد وإن كان بتزوير التاريخ . وكان الانتداب البريطاني 1920- 1948 سمح لهم وضع مناهجهم الخاصة بينما كانوا يتحكمون بالمدارس العربية ولا يخصصون الميزانية الكافية لانشاء المدارس مما اضطر القرى الى انشاء مدارسها على حسابها قبل أن تصبح حكومية . .
وفي الحقيقة حظيت فلسطين والقدس بكم هائل من الكتابات والأبحاث السياسية والتاريخية والدينية , وبأساليب مختلفة من عرب وأجانب . وإن كانت الدراسات الإجتماعية وبخاصة حياة الناس العاديين وعاداتهم وتقاليدهم لم تحظ بالاهتمام الكافي . وهنا تأني اهمية وضع مناهج ومساقات تؤدي الى انتاج الابحاث ورسائل الدراسات العليا ونشرها باللغة العربية و الأجنبية .والاهم كما نرى أن تدرس “ القضية الفلسطينية “ ككل في مرحلة الدراسة الابتدائية والثانوية أيضا , التي تعتبر الأساس في فهم المسار بشكل متكامل و ليساعد الطالب على الفهم والتحليل عند الدراسة الجامعية .. كنا ونحن في المرحلة الثانوية في أ واسط القرن الماضي ندرس القضية الفلسطينية في المدرسة ونتفاعل مع مجريات الأحداث , مع ربطها بتاريخ “وعد بلفور” الذي صكته بريطانيا 1917 لاقامة “وطن قومي لليهود” . وتبعات ذلك الوعد المشؤوم .
إعادة الاهتمام بتدريس القضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشكل خاص , مرحب بها , ونحن أحوج لها من أي وقت مضى في خضم ما يجري من سياسة اسرائيلية لطمس الهوية العربية للقدس بالاضافة لمحاولتها التمهيد لهدم الحرم الشريف لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه . وما المحاوله الوقحة للهيمنة على المقدسات والأوقاف الاسلامية ونزعها من الرعاية الاردنية لهو أكبر دليل . مشروع تدريس تاريخ القدس في الجامعات العربية مشروع لا بد منه ليس فقط في الاردن وفلسطين بل في العالم العربي أجمع . خطوة ايجابية في التعليم الذي بلا شك بحاجة للاصلاح و لكي يغني الجميع “ لزهرة المدائن “بصوت واحد “ يا قدس يا مدينة السلام “ .والسؤال , هل تقوم الدول العربية بتطبيق ذلك أم يبقى حبرا على ورق ككثير من القرارات المتعلقة بالقدس وفلسطين . ؟