وضعت على” بلكونتي” المزدهرة بأزهار الربيع والصيف، “فزّاعة “،  مكونة من قطعة قماش بيضاء وليست سوداء، كما يفعل الفلاحون، الذين يخدعون الطيور، بأن الرأس المصنوع من”الشرايط “خدعة لإخافة  من يحاول سرقة زرعهم .  بعض العصافير الصغيرة المسالمة لم تعد لتنتف وردتي، ولكن الكبيرة والقبيحة ذات الخبرة، لم تصدقني، فأكلت ما استطاعت من الأخضر والأصفر . التقطت  هذه  اللحظة والفكرة، وأنا أقرأ  خبرا طازجا يقول: “ الاحتلال يقر بناء 50 بيتا استيطانيا في القدس “  وبشكل أدق في جبل أبو غنيم، جنوب المدينة . ولأن إسرائيل خبيرة في السرقة والتحايل دون خوف من العالم ، فقد رأيت في الطير القبيح المراوغ ، دلالات على معنى” الرمز والفزاعة” . تستعمل إسرائيل  الفزّاعة ليس في كلماتها  ورموزها فحسب، بل في أفعالها، غير خائفة من  فزاعاتنا، وفزاعات العالم المنصوبة اليوم  لإيقافها عن السرقة العلنية . اسرائيل  ماضية في العمل، رغم فزاعات الاتحاد الاوروبي لمقاطعة منتوجات المستوطنات، دون فائدة كبيرة  ترجى . .


أتقن الاستعمار الصهيوني استعمال لفظ “ المستوطنات “ومدلولاتها  في كل الأوقات لتصبح أحد “ الرموز “ تستعملها إسرائيل في كل المناسبات وبخاصة في المناورات السياسية والاعلامية، ليس كرمز وكلمة فقط بل “كفزاعة “  تحمل أكثر من وعد ووعيد،  وعمل . تقوم اليوم وأثناء زيارة البابا للاراضي المقدسة  علنا ودون خوف من أحد  بتوسيع البؤر الاستيطانية وتشريعها أو التصريح بلسان( فيغلين) من حزب الليكود المتطرف الحاكم ضرورة البحث عن فرص لبناء” هيكل سليمان “ في القدس المحتلة وهو يعني هدم المسجد الاقصى وبناء ما يزعمون مكانه . ولعل المستوطنات التي بنيت على أراضي القدس المحتلة وبشكل دائري، تعني أكثر، من بيوت لسكنى المستوطنين القادمين من جميع أنحاء العالم على الأرضي العربية الفلسطينية،  بل  للبقاء في “عاصمتهم الابدية “ كما يخططون .


منذ 1967، عندما احتلت إسرائيل القدس، وهي  ماضية على طريق تهويد المدينة وبشتى الطرق . وقد أصبح الاستيطان اليهودي خطرا كبيرا وثقيلا يتمدد ويهدد أمن  ووجود الفلسطينيين. أصبح المفهوم والعمل  حقيقة واقعة تخلط  رموزهم الاستعمارية وتبنيها بشكل، تراه أبديا . يبنون دون خوف من “فزاعاتنا “ ودون خوف أو خجل، أو الشعور بالذنب بتطبيق العنصرية والجرائم الانسانية  والهولوكوست الفلسطيني الذي  يمارسونه . . تستعمل  اسرائيل  الرموز في حروبها النفسية والعسكرية المستمرة، في دولة الاحتلال  وتظل فزاعاتنا لا قوة لها بالقول أو العمل .  


من دلالة ليس في اللغة فحسب، بل أيضا  في المضمون والتطبيق، وهذا ما علمته  لمواطنيها، كما لوسائل اعلامها التي تعزز المفهوم ليصبح “ شعارا “ وفزّاعة لمن يحاول تسميته بالهولوكوست الفلسطيني الذي تمارسه ضد أصحاب الارض الاصليين . إسرائيل  اتقنت  عملية “الترميز “، وتمكنت من التأثير على الرأي العام اليهودي، والعالمي  بقوة، والا لماذا،  تواصل أميركا مساعداتها المادية لبناء المستوطنات،. أو لماذا لا تقوم  الامم المتحدة باتخاذ مواقف أكثر جدية بالنسبة لعدم تطبيق دولة الاحتلال اتفاقياتها،  أو فزاعاتها  التي تشبه “فزاعتي “ على” بلكونتي “في أم أذينة . ؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment