بدأت العطلة الصيفية كما يبدو من حالة الشوارع الفرعية والأزقة والساحات الضيقة في عمان . يلاحظ هرج ومرج فيها من الأطفال والفتيان الذين يمارسون لعبة “الكورة أو الفوتبول” اللعبة المفضلة لديهم والتي يقومون بها بمحبة . وبخاصة ان ألعاب “الاولمبياد العالمية “في أوجها تجمع كل مدن وقرى العالم لمشاهدة فريقهم المفضل . شاهدت في أكثر من مكان في عمان ، الاطفال والفتيان يتسابقون لرمي ثقل حمل المدرسة عن أكتافهم وهم يشعرون بنوع خاص من الحرية التي تسمح لهم أن يمارسوا حقهم باللعب واللهو والنشاط البدني خارج المنهاج المدرسي . أسعدني ممارسة الاطفال نشاطا ايجابيا يعمل على تنمية وتقوية القدرات البدنية والجسدية ، و التي تعمل بدورها على النمو العقلي والاجتماعي ، الذي يلخصه المثل القائل : “ العقل السليم في الجسم السليم “ . وليس هذا بجديد على أطفال الحارات الشعبية المكتظة ، منذ القدم ، دفع كرة الشرايط بأرجل ، حافية أحيانا ، في سبيل متعة تبدو أبدية .
سعدت بالأمس وأنا أشاهد فريقين من الاطفال يتباريان ،والافراد تقمص شخصيات لاعبي الكورة العالميين المعروفين، أحد المتفرجين يصيح مشجعا صديقه بالقول :” ياللا يا ميسي ، والآخر أيوه رونالدو ، وثالث بيلييه ، يصيح بيلييه .. بيلييه ..-اسطورة العالم في كرة القدم في الستينيات – والذي أصبح مدربا عالميا اليوم . وبالرغم من أنني اليوم لا أشاهد الالعاب الأولمبية الشاغلة العالم حاليا الا أنني أوقفت سيارتي بعد سماع الاسم الأخير ، لأتمتع بلعب العيال “. الذين لا تتجاوز أعمارهم بين 9-12 عاما . أوقفني اسم بيلييه الذي أصبح كهلا اليوم . فقد تعرفت على اسم الرياضي الكبير عندما كنت أعمل في السفارة الاردنية في باريس في أواخر الستينيات وقد نزلت على المدينة وهي تزدهي بحلة من الألوان والأضواء ، احتفاء بزيارة البطل العالمي . كانت السجادة الحمراء ممدودة في شارع الشانزلزيه من أوله الى آخره ، ليسير عليها ، وقد رفعت عبارات الترحيب” بالملك بيلييه “ مكتوبة بالفرنسية . وفي تلك الفترة كان العالم أجمع يعرفه . وتعرفت على لعبة الكورة من خلال متابعة المباريات مع السفير عبد الله صلاح رحمه الله وعائلته ، وجمع من السفراء العرب الذين كانوا يجتمعون تباعا كل يوم في بيت أحدهم مع عائلاتهم ، في جمع جميل ، كل يتحيز لفريق أو لاعب . ولن أنسى حماستي أنذاك ، وأنا أصيح ، “ ولاّ أتركه.. يكسر أيدك “ . وظل البعض يذكرني بذلك ، وقد قابلت السفيرين المصري و السوداني في نيويورك عندما أصبحا سفيرين لبلادهما هناك وأنا أعمل في الأمم المتحدة .
وبالعودة للأطفال والشبان المحبين لهذه اللعبة العالمية المميزة التي تمارسها أيضا الفرق المحلية الاردنية من خلال الأندية والمؤسسات الرياضية .، فهي ليست جديدة على الاردن فالاولاد يمارسونها منذ الطفولة المبكرة . ولعل مشاهدتي بالصدفة لهذا الحماس ، وتقمص اللاعبين أسماء الابطال العالميين ، ما جعلني أكتب هذه المقالة وأتوقف عندها علّها تبين أهمية الاهتمام بهذه اللعبة الشعبية . هناك كما يبدو واضحا عدة احتياجات لتنمية هذه اللعبة . ولعل أهمها ايجاد الملاعب لتفادي اقتحام الاطفال الشوارع المزدحمة والخطرة على حياتهم . بالاضافة لفتح المزيد من الاندية التي تعمل على التدريب ، وابقاء روح الحماسة بينهم ، ومن أجل تفريغ الطاقات الجسدية في نشاطات صحية . بالاضافة الى ضرورة إيلاء الاندية الرياضية وفرق كرة القدم المحلية المزيد من الدعم المادي والمعنوي ، لتصل الى المستويات العالمية .
تسمية الاطفال اللاعبين الصغار بأسماء الابطال العالميين ، هي رمز لأحلامهم التي يمارسونها في عالم افتراضي ، و أعتقد أن من حقهم ممارستها في عالمهم الواقعي الذي يضمن بيئة سليمة ومهيأة ، لعل البعض منهم يتمكن ليس فقط من كسب الالقاب ، مثل نجوم الكرة ، بل أيضا كسب المال والملايين التي هي ثروة ليست فردية ، بل ثروة قومية . فهل يمكن أن تتحقق أحلامهم وأحلامي يوما ؟ هذا هو السؤال ، مع محبيتي لرونالدو وميسي وبيلييه الاردنيين، فقد سعدت بهم وشاركتهم أحلامهم ، ولكنني خفت عليهم من سيارتي . ؟؟