عندما تحضر حفلا لمؤسسة ملتزمة لها أهدافها ونشاطاتها المحددة المسيّسة وذات النكهة الانسانية عالية الجودة، تشعر بأهمية المجتمع المدني كشريك مهم بالعمل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والانساني بشكل متداخل ومتكامل .
“ حفلة “ ليلة فلسطين” التي أقامتها “مؤسسة فلسطين الدولية” مؤخرا في عمان أثبتت ذلك . اتقان العمل المؤسسي الممنهج، الذي يرتكز على استراتيجية مدروسة بدقة، ليس للمرة الأولى فحسب، بل للمرة التاسعة منذ إنشائها . ولعل مشاركة عدة مؤسسات من المجتمع المدني، من شركات تجارية، وشركات وسائل اتصال، وإعلامية وبنوك وفنادق، ومؤسسات ثقافية وتعليمية ، بشكل ملتزم ومتواصل خلال هذه السنين ودعمها بالمال ليدل على أسباب النجاح بالاضافة للادارة الجيدة .
من أهم أهداف مؤسسة فلسطين الدولية، “ طموح على درب ربط المغترب والشتات بالوطن” . وقد يكون هذا الشعار أهم أهداف المؤسسة لخدمة جميع الفلسطينيين أينما كانوا، ليس في الشتات فحسب بل أيضا في الوطن، من أجل الحفاظ على الهوية الفلسطينية، المعرَّضة للبهتان والضياع ، خاصة أن الفلسطيني في الشتات يتعرَّض لما تأتي به “العولمة “ من كل حدب وصوب من السلبي والإيجابي، ناهيك عن هدف إسرائيل الأساس في الممارسات الاستعمارية والعنصرية ضد الإنسان الفلسطيني المعرض لفقد الهوية والانتماء .
إن ربط الإنسان بماضيه وحاضره ومستقبله، من أهم الوسائل للأخذ بالإنسان الى طريق التفاؤل بالإضافة لحياة واعدة . وقد أصبح التراث الفلسطيني إحدى الأدوات المؤثرة والفاعلة في هذا المجال، واسلوب تحد فعَّال للصمود والكفاح من أجل العودة .
كان عرض ( فرقة صبا للتراث – ( كورال جمعية الفتى اليتيم – مخيم الحسين – لإحياء التراث العربي ) ما يؤكد أن الصغار لن ينسوا – كما تعتقد اسرائيل – فاليتيم المسجون بالألم والحزن لفقدان الأب أو الأم، هو كالأسير المناضل ضد الاحتلال والذي يحلم بالعودة للبيت والحنان . تعريف الفلسطيني برموز الوطن واستذكار انجازاتهم العلمية والأدبية والفنية مثل: اسماعيل شموط وغسان كنفاني وناجي العلي وفدوى طوقان وإدوارد سعيد ووليد الخطيب . وتكريمهم بتوزيع الجوائز باسمهم هو تكريم للماضي والحاضر والمستقبل . وهو الأخذ بيد الجيل الجديد الى دروب الأوَّلين الشرفاء . ولعل تكريم الضيف العام من فلسطين الاستاذ فؤاد شحادة المحامي المعروف وما يقدمه لأبناء وطنه من خدمات تحفظ حقوقهم له أهمية ودلالة .
الألم والمعاناة النفسية والجسدية للفلسطينيين تحت الاحتلال تحتاج للدعم المالي والعملي، لمداواة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل مرض السرطان الذي يهدد حياة الكثيرين . وقد قامت مؤسسة فلسطين في برنامج “ تطوير الاحتياجات الطبية العاجلة في فلسطين “ بتدريب أو تعزيز قدرات الكوادر الطبية والمساندة من الأطباء والممرضين والممرضات في مستشفيات ناجحة في الأردن وألمانيا . ولا شك أن هذا البرنامج يعد من أهم الخدمات العاجلة، لما له من حاجة ملحة للفلسطينيين الذين يعانون صحيا من الامراض والجراح نتيجة الممارسات الإسرائيلية المستمرة .
حفل “ المؤسسة “ التاسع لخَّص أهداف الجمعية، أمام حشد من الحالمين بالعودة والحفاظ على الهوية . فاسترجاع الأثواب الفلسطينية التراثية الجميلة التي تحمل التاريخ في ثناياها ورائحتها لم تغب عن الحفل وهي تتهادى على المسرح، لتوقظ الشوق والحنين للوطن، والحناجر تغني (موطني موطني )، أهنِّئ أ. د. أسعد عبد الرحمن المدير التنفيذي للمؤسسة، على استمرارية العمل بنجاح . وبلا شك لا بد من دعم هذه المؤسسة التي تحيي الذاكرة وتحافظ على التوق للعودة . فشكرا.