في الطريق الى أخفض نقطة في العالم بعد غياب ليس طويلا لم أجد تغييرا في عدد البيوت والشقق والعمارات القريبة من النقطة” الحيّة “على ضفاف “ الميت “.ولم ألاحظ حركة ناس عاديين من والى منطقة الفنادق , غير باصات قليلة للسياح الباحثين عن الشمس , إضافة الى بعض الباصات التي تشير أن هناك مؤتمرا يعقد في مركز المؤتمرات الذي يستضيف الفعاليات العالمية, والمحلية والاقليمية التنموية والسياسية والاقتصادية . وقد نجح المكان بجذب “ مؤتمر دافوس العالمي “ لأكثر من مرة . ولا شك أن ذلك يرجع لما للبحر الميت من خصوصية جغرافية ولأملاحه وشمسه من فوائد صحية لا تشبه أي ملح وشمس في مكان آخر ولا موت مثل موته الذي يبدو أبديا ؟ . الا أن فرنسا عرفت وأخذت زمام المبادرة نيابة عنا عندما عرفت أهمية وفوائد طين البحر الميت , فصنعت إحدى شركاتها منه ما يفيد الصحة والجمال ومواد الزينة . وضعت البحر الميت في عبوات كتب عليها خصوصية المنتجات التي تباع بأسعار عالية وتدر على الشركة المنتجة ربحا كبيرا . وبالرغم من قول المثل الشعبي -وإن كان عن الزواج والنسب -” من طين بلادك لط خدادك “. فقد استثمرت الشركة الصناعية ذلك لتنوب عنا في انتاجه , ولا بأس بهذا النسب .
الزائر المتوجه الى “ الغور “ الذي ترحب به أشجار المزارع الخضراء يلاحظ ان الفلاح النشط الذي لا يتوقف عن العمل, يحصد ,ما زرع أو يزرع لنا لنأكل . يعكر” راحة البال “ وأنت تقود السيارة , كثرة” التركات “, المحملة بالحجارة الضخمة في طريقها لمناشر الحجارة في ضواحي عمان لاعدادها لبناء المنازل والفلل الجميلة أو العمارات العالية المطعمة بالزجاج وعلى أحدث الطرز الجمالية . يشارك الحافلات الكبيرة ,” بكمات “كثيرة تسير بتؤدة وهي تحمل لسوق الخضرة المركزي في عمان البندورة والخيار والخس والكوسا والباذنجان وغيرها بالاضافة الى الفواكه الحمضية أو التي تزرع في الخيام البلاستيكية , مثل التوت الارضي , وغيرها .
لاحظت أن اللون الأحمر الذي يتباهى بطلته كان الغالب , والذي يشير لحجم كبير في انتاج البندورة التي ينتظرها أكثر الفقراء طازجة , لطبخ “ قلاية البندورة “ الطبق الأكثر شعبية بعد الفلافل والحمص .أتوقف عند البندورة لأنها تعاني مع الخضروات مشاكل تحبط وتؤذي المزارع .وبالاخص مشكلة التصدير . وكلنا نعرف أنه كان في الماضي مصنع لب البندورة , ولكن كما يبدو لم تنجح الشركة بحل مشكلة الفائض من البندورة . وتعمل وزارة الزراعة كما يبدو من المعلومات المنشورة , أنها “ تدرس تأسيس شركة تسويق زراعي بالشراكة مع المزارعين “ يكون هدفها تصدير الخضروات لكل المزارعين ولكل الجهات المستمر التعامل معها مثل الخليج . ولا شك أن هذا عمل لا بد منه وضروري ومرحب به علّ المزارع يطمئن , أن بامكانه زراعة هذا المنتج الأكثر احتياجا . ونرجو أن لا يكون الخبر حبرا على ورق فقط .
الأردن بلد زراعي , ولا يمكن لأحد تصنيفها بغير ذلك من التصنيفات التنموية والاقتصادية ؟ المشاكل الكثيرة والمزمنة التي تقلق المزارع وتحبطه كثيرة رغم الخطط الاقتصادية التي تطبق . يواجه المزارع مشكلة المياه , والاليات والمبيدات , والاسعار المرتفعة , ونقص العمالة الزراعية . بالاضافة هناك مشاكل في اقراض المزارع الصغير رغم طول عمر” مؤسسة الاقراض الزراعي” التي نعرفها منذ الخمسينيات . في الغور والبحر الميت منطقة “ولودة “ للعمل والحياة والانتاج , وهي بحاجة ماسة لحل المشاكل العالقة من أجل خبز وملح وبندورة وحياة أفضل لمن يزرع الأرض ويستثمر ترابها وطينها ؟!