يصاحب حرب اسرائيل على غزة  اليوم حرب موازية وملازمة في الداخل والخارج . حرب اعلامية قديمة وجديدة .وكما نعرف , فاسرائيل أتقنت العمل الاعلامي المضلل, وحملات الدعاية والاعلان والتأثير على الرأي العام منذ مطلع القرن الماضي . وفي السابق وقبل قيام الدولة  , استطاعت أن تضع استراتيجية” لكسب الانصار” ووزعت نشاطاتها في القارات الخمس وحسب العلاقات لكل بلد على حدة , وظلت تؤكد يهود العالم وغيرهم , أن” يهودية اليهودي “لا تكتمل الا بالهجرة لإسرائيل . وأيضا بالتذكير المستمر” بفظائع النازية “ وغيرها من مظاهر الاضطهاد  في أوروبا .


    لم تعد اسرائيل في حربها على غزة  اليوم بحاجة للخبراء وعقد الورشات التدريبية في الخارج لخدمة سياسة الاعلام الاسرائيلي التطبيقية كما السابق . فقد أنهت هذه المرحلة وأصبح لها مؤسسات اعلامية ضخمة في العالم و شركات تبتلع الاعلام الصغير التقليدي والجديد  . اتقنت أكثر المؤسسات الاعلامية وظيفتها , حيث وضعت سياسة متحيزة تنتقلها وتتبناها عن قناعة كعلم وعمل . بالاضافة فإن تزويدها بالمعلومات الاخبارية التي تعزز الثقة بها وتنشطها خوفا من” الانحراف “ أذا ما حاولت التحليل” الموضوعي “.


    يصاحب الاعتداء الإسرائيلي على غزة اليوم إعلام , يتخبط بين الحقيقة والصورة النمطية التي رسمتها اسرائيل  وأيضا وجود إعلام عالمي , وإعلام عربي جديد بشكل خاص .لم يستطع الاعلام  لاسرائيلي النمطي المتحيّز  لاظهار اليهود  “ كالضحية  وبالاسلوب الاعمى “ الذي كان مستحوذا على وكالات الانباء والفضائيات , والصحافة المكتوبة والمسموعة وحتى الشفهية .

وكان هذا واضحا في مثال واحد على الأقل عندما عمل العقل الباطن للمذيعة ( دايان سوير) من محطة (إي. ب. سي )  الأمريكية ليقلب الحقيقة وهي تشير الى صورة لعائلة منكوبة  تدعي فيها أن صواريخ المقاومة  الفلسطينية تنزل على عائلة اسرائيلية  بينما العائلة لا مأوى لها . هذه لم تكن سقطة اعلامية غبية , بل كانت بفعل الغسيل الدماغي للمذيعة  لاظهار اليهودي” كضحية “ بالاضافة الى عدم فهم التطور التاريخي الذي حصل في الاعلام العربي الشعبي على الاقل ؟ .


    لم يكن الاعلام الصهيوني  العالمي وبخاصة في أوروبا وأمريكا أن يتجرأ  رؤيا الحقيقة , ولكن الحقيقة أيضا اليوم , أن هناك من الصحافة والاعلام , من تمكن من تسليط الضوء على إعمال اسرائيل الاجرامية , وإن وقف العالم متفرجا . ولعل سقوط الصحافيين بين العاملين في ساحة الحرب , ليدل على ذلك اليوم أو بالامس وبينهم الأنصار للقضية الفلسطينية , وتظل الناشطة الأمريكية (راشيل كيري ) تذكر بمثل هذه الاوقات  وقد سقطت في رفح في حرب غزة السابقة دفاعا عن هدم البيوت فوق رؤوس العائلات . .


    أما الإعلام الاسرائيلي , نفسه في داخل” الدولة المكركبة “ , فإنه من الواضح الصراع , أو بالاحرى اختلاف وجهات النظر بين طرفين منقسمين من الاعلاميين الاسرائيلين كما هو واضح في مقالاتهم . اعلام رجعي متحيّز عنصري , استعماري , يدعو” ليهودية الدولة والقضاء على الفلسطينيين “ , وبين إعلام “تقدمي يساري “,يفضح الممارسات غير الانسانية , ويفضح عدم وجود أهداف لهذه الحرب القذرة , بالاضافة للتعاطف مع أهل غزة وأطفاله الذين يموتون بالجملة , ولعل مقالات صحيفة “ ها أرتس “ المتعددة تؤشر على ذلك . بالاضافة مثل هذا الاعلام مع الاسف لم يستطع لليوم من تغيير نمط التفكير الصهيوني على عقلية المستوطنين , الذين يسعون لهدم كل بيوت العرب وتفريغ الأرض لبناء مستوطنات عليها , برعاية جيش الاحتلال الاسرائيلي , وآلياته العسكرية والاعلامية .


ولا بد من الاشارة الى دور” الاعلام الجديد “ , الذين يمارسه الكثيرون من العرب الذين  يرون حقيقة ما يجري من ظلم على انسان غزة وأرضه . ولعل هذا النشاط المحموم على صفحات “الفيسبوك “لهذه الشرائح الكبيرة من المشاركين , لتشير الى تغيير واضح في أساليب تعزيز المقاومة بالاضافة للرد على ما يسئ اليها أو الى حق الشعب المحتل من الدفاع عن نفسه . وقد تبين ذلك , في التصدي الى بعض ما بدر من الاعلام المصري على لسان “عكاشة “وغيره , أو من تحية لمواقف معدي برامج مصرية , ومراقبة الاعلام الرسمي ,” الحذر” .


 تطور آليات الاعلام وأدوات” التنكولوجيا الذكية “ , وزيادة الوعي والثقافة لدور الاعلام في السلم والحرب  وسرعة انتشاره  ليس فقط بين النخبة والمتخصصين , بل أيضا , بين الطبقات الشعبية , تساهم في إفشال استراتيجية اسرائيل الاعلامية , بالاضافة لفضح أبواقها في العالم , كما  في مثال المذيعة دايان سوير . ولعل المحافظة على الهدوء في التحليل وفضح العدو , هو سلاح فعّال نحن اليوم أحوج اليه.نعم .., هناك تغيير في الاعلام العربي للرد على الاعلام الصهيوني والعا لمي  فلنستعمله بكفاءة ,  ولن  تضيرها الانفعالات العاطفية الشعبية .!؟؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment