ياحبيبتي لا تخافي .. ها أنا أضمك لصدري , أسمعي دقات قلبي .. أنا أحبك . لا تخافي من أصوات الغارة الاسرائيلية علينا نحن أهل غزة .. أضمك لصدري .. نامي , يا حبيبتي, أو… نيني.. نيني ..لأذبحلك جوز الحمام .. أو.. نيني .. نيني .. غنت الطفلة ( ياسمين المطوّق) ابنة الأربعة أعوام لدميتها التي اسمتها “حنين” وهي تقلد أمها , لكي تخفف هلعها. أعادت مرارا الأغنية .. والبيت يهتز , من ضربات متلاحقة فوق جباليا .. نامي .. يا حبيبتي .. أو .نيني .. نيني . وعلى حين غفلة .. وقبل أن تغفو الدمية , والبنت والاخوة والام , تهدم البيت الصغيرفوق رؤوس السبعة .. طوب الدار تبعثر , وسواد الليل غطى الجريمة , ولم يبق منهم غير دمية ياسمين . استيقظت الشمس لتكتشف الجريمة . الدمية حنين تبحث عن رجلها وهي تمسك برجلها الثانية , تتدلى على حجرسقط من سطح البيت الذي هشّم رأس ياسمين . أين أنت يا أمي ؟ أين أنت ؟ بحثت الدميّة عن أمها الطفلة التي كانت تلعب معها” بيت وبيوت “ولم تجدها .. بكت الدميّة .. ورفعت الصوت ..أريد أمي .. أريد جدتي .. أريد أهلي , أين أنا؟ لم يسمعها أحد, وظلت هي الوحيدة تلبس الفستان الزهري , فوق ركام تحته لحم ودم والعالم يتفرج , وهي خائفة من موت سيأتيها , عندما تبدأ عملية ازالة الانقاض والجمع يبحث عن اللحم والدم .
هكذا أوحت لي إحدى صور الاطفال ضحايا الوحشية الاسرائيلية , التي وصلتني ووزعتها على الفيس بوك . وقد غزّتني “غزة كبيرة في قلبي “ والجلاد يهدم البيوت فوق رؤوس العائلات ليموت كل الافراد . الصورة , بيت مهدم لم يبق فيه روح الا دميّة , وكأنني سمعتها تغني وتحن( لياسمين ) التي كانت لها أما في مخيم جباليا وفي قلبي “غزة .” إسرائيل مستمرة بهدم الحجر , وكأن ساكنيها من الاطفال والنساء لا روح لهم . حرمت اسرائيل أطفال غزة من النماء بشكل طبيعي , وهي تضرب عليهم الحصار منذ سنين وتمنع الدواء والغذاء , وسببت بينهم أمراض سوء التغذية وحالات فقر الدم وحرمت الكثيرات من ارضاع الأطفال رضاعة طبيعية وهي مستمرة بسجن قطاع غزة وفرض الحصار عليه. حرمت إسرائيل أطفال غزة من اللعب في الحارات والأزقة لعبة الفوتبول التي يقلدون فيها نجوم المونديال كما أطفال العالم . حرمت اسرائيل بنات غزة من لعبة “بيت وبيوت” وهن يحتضن الدميّة , ويمارسن حقهن باللعب ,والحلم والنماء . حرمت إسرائيل أولاد وبنات غزة من الأم والأب ,ليصبحوا أيتاما .كل ذلك لأن اسرائيل المحتلة تصرعلى حرمانهم التمتع بهويتهم التي يمنحها لهم ( الاعلان العالمي لحقوق الطفل ) للقول أنا فلسطيني من غزة . !
العالم يقف متفرجا على جرائم الحرب ضد الانسان الفلسطيني , الطفل هو الهدف لاسرائيل مع النساء , خوفا من المطالبة بحق العودة لأرض الاجداد . وأذّكر( بان كي مون ), بما جاء في الاعلان العالمي للامم المتحدة لبقاء الطفل وحمايته ونمائه الذي أقر في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل , نيويورك 1990 , إذ تقول المادة 2-” إن الاطفال أبرياء وضعفاء ويعتمدون على غيرهم , وهم أيضا محبون للاستطلاع . نشطاء مفعمون بالامل , فمن حقهم علينا أن نوفر لهم الوسائل للتمتع بأوقاتهم في حو من المرح والسلام …” . ونتساءل .. أين هم اطفال غزة من هذا الكلام العالمي الذي وقعت عليه دول العالم ؟ أين هي الدول التي تدعي أنها متحضرة , وتنتج مصانعها الدمى والألعاب للأطفال ؟ أنهم ينتجونها كما يبدو ليس لنماء الطفل عاطفيا وجسديا وليعطيهم الامان .. بل لجني الأموال وصنع أسلحة الدمار . ماتت ياسمين تحت أنقاض بيتها في غزة وهي خائفة .. ماتت وهي تغني لدميتها حنين .. وكأنني .. سمعتها تقول لها …نامي يا حبيبتي .. نامي … ! لم تسمع ياسمين ولم تسمع حنين, فهل يسمع العالم ؟؟؟