حيّ الشجاعية الشجاع في غزة يحمل من اسمه نصيب، كما نرى وكما تقول الأخبار والشهادات وقد أصبح الحيّ هدف الحرب، الذي تعتقد اسرائيل أنه الحل لانهاء صمود المقاومة. موت كثير بنار الحقد تسلط على الحيّ لابادته وحرقه بالكامل كما تفعل في المرحلة الثانية من الحرب الاسرائيلية الوحشية على الأرض. أعدت إسرائيل سبعين الف جندي يحاصرون غزة في عملية عسكرية برية، تعززها أسلحة السماء اف 16 وآليات البحر “لاضعاف “ المقاومة الفلسطينية التي أثبتت وجودها على أرض الواقع في هذه الحرب الجديدة على غزة. الحشود الاسرائيلية تضرب شوارع غزة وحاراتها على أمل القضاء على المقاومة، هدفها المعلن الذي لم تنجح للان بتحقيقه لأنها لم تقرأها جيدا بأنها تعني اليوم “الشعب بكامله “. تغير الهدف ليصبح “لايقاف صواريخ المقاومة” التي تهطل علي مدنها وقد فشلت القبة الحديدية من التصدي لها كليا، اذ لم تستطع أكثر من 20% منها مواجهتها. بعد الخسارة الكبيرة لأول مرة في صفوف الجنود الاسرائيليين أيقنت اسرائيل أن وسائل المقاومة الجديدة والنوعية التي فاجأت العالم غيرت الهدف لواحد جديد وهي البحث عن الانفاق وتحطيمها. استمرت بالبحث عن” الهدف “بعد انتقادات داخلية وتحليلات عسكرية غير مبالية بارتفاع عدد الشهداء بين الاطفال والنساء. في اليوم الثاني للحرب الحاشدة وبعد ضربات المقاومة الموجعة بحثت عن هدف جديد وجدته في أفعالها القيام بجريمة حرب جديدة، فوضعت عملية الأرض المحروقة لابادة حيّ الشجاعية والتفاح والزيتون والشعب نصب عينها. اسرائيل ضربت ضربات عشوائية ضد المدنيين الذين سقط منهم الكثيرون وهي لا زالت تبحث عن الهدف المفقود. إسرائيل لا زالت تبحث عن الهدف وترى اليوم أن القضاء على المقاومة في الجهة الشرقية وشلها هو الحل في حربها التي لم تجد هدفها بعد. حرب ابادة ضد الفلسطينيين العزل ورائحة الموت ضد المدنيين مستمرة. وهي تضرب الشجاعية وتتكدس اجساد الشهداء في الشوارع، تعتقد أنها وجدت الحل أي وجدت هدف حربها القذرة.
رغم التعتيم في بعض أماكن العالم، مثل قطع مشاهدة الجزيرة في أمريكا، وقمع المتظاهرين المناصرين لفلسطين في فرنسا، فهناك الاعلام الجديد الذي أوصل جريمة الارض المحروقة للعالم. صورة يشاهدها العالم حيث تغص الشوارع بالمناصرين لغزة والمقاومة، التي كانت غائبة والقضية الفلسطينية مهمشة منذ زمن طويل. ولعل هذه الحقيقة هي من أفضل عناصر أهداف المقاومة التي أحيت القضية الفلسطينية والعالم العربي لا يحرك ساكنا.
أظهرت الحرب على غزة. حقائق كانت غائبة، وهي أن الفلسطينيين والمقاومة لا زالت حيّة في قلوب ومشاعر الناس. وبأن العالم المتمدن الذي يتخذ القرارات الدولية في الامم المتحدة عالم كاذب و لا هم له الا مصالحه وعلاقاته مع من يؤمنها له ولو على حساب الشعوب المقهورة، اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. أظهرت أن العالم العربي يعيش في عصر انحطاط واضح، يعتمد فيه على من يملي عليه قواعد لعبة سياسية “قديمة جديدة” لخدمة مصالح البعض الشخصية ومصالح المستعمر الجديد الذي يعيث فسادا في أراضينا. بالاضافة لمحاولة العبث بأية مكتسبات ولو قليلة من آثار” الربيع العربي “ الذي يحلم به الانسان العربي. حقائق على أرض الواقع، اصبحت واضحة للجميع مع خيبة أمل الشعوب العربية التي كانت تنتظر تحقيق أهداف طال انتظارها. يقولون أن الجامعة العربية، سيتم فيها اجتماع “للعرب “، وأتساءل، أي عرب هم الذين سيجتمعون، ليكتبوا تقارير الشجب والرفض باسلوب ناعم،” والينبغيات “وغيرها من كلمات ماتت في قاموس عمل التحرر الوطني. لقد حذفوا كلمة المقاومة من القاموس العربي، وحذفوا كلمات كرامة الانسان، حذفوا كلمات العدالة والانسانية، في محاولات لابقاء الاعتماد على الدخيل في قاموسهم.
غزة اليوم ايقظت مواجع كثيرة وفضحت خططا تتفاعل في الخفاء، وأعادت للمقاومة زخمها وأهميتها ليس ككلمة في قاموس، بل كفعل الانسان، الفلسطيني الذي يؤمن بحقه في حياة حرة شريفة، بعد حصار أتعب الناس ولكن لم يستطع قتل “ الهدف “ وهو الصمود حتى النهاية رغم التضحيات الكبيرة في الارواح. غزة في مواجهة الحرب، تعرف هدفها النبيل، ولكن اسرائيل في حربها القذرة لا زالت تبحث عن” الهدف”، ويبدو أنها وجدته وهي تصل الشجاعية في حرب ابادة والعالم العربي يتفرج مع الدول الاستعمارية وهي تسير خارج السرب غير مبالية بالشعوب التي تتظاهر في شوارع العالم من أجل هدف كبير.. من أجل فلسطين حرة؟