“ الميدالية الذهبية “التي منحها الكونجرس الأمريكي لبيريز عادة تمنح لمن هم في مرتبة الشرف . ويعتبر من القلة الذين تقلدوها من غير الأمريكيين مثل نلسون مانديلا والأم تيريزا واوتع سوتشي زعيمة المعارضة في المينيمار لنضالها . وكانت هذه الميدالية الرفيعة القيمة قد منحت لأول مرة في تاريخها عام 1776 للرئيس جورج واشنطن محرر العبيد في أمريكا .
بالوقوف عند هذه الاسماء الشريفة لا بد من استهجان ورفض “الدول الشريفة” والانسان الشريف الذي يناضل من أجل التحرر الوطني لبلاده ويسعى للسلام والعدالة والانسانية من منح بيريز رئيس اسرائيل الدولة الاستعمارية والمحتلة والعنصرية وغير الشريفة هذا الوسام .
وببساطة فالاستهجان يأتي لأسباب واضحة منها عدم وجود الشروط الأساس لبيريز كفرد أو بلده لنيل مثل هذا الوسام . ولنبدأ بجورج واشنطن محرر العبيد , فقد حارب العنصرية منذ بزوغ نجمه كرئيس , وتحيز للعبيد والفقراء ودافع عنهم بوضع القوانين, حتى ربى اجيالا فيها- من يقدر- قيم المحبة والسلام والتآخي والانسانية , بعد معاناة السود من عذاب العنصرية والتفرقة الاجتماعية والسياسة والاقتصادية .والاستهجان أيضا يأتي من مساواته بنلسون مانديلا جنوب افريقيا , ذلك الشجاع الذي قضى معظم حياته في سجن جلاده لمواقفه الوطنية والانسانية التي قادت لتوحيد بلاده وتحررها من العنصرية . وبالمقارنة فبيريز أحد مؤسسي دولة اسرائيل العنصرية , التي تقتل اليوم الاطفال والنساء بدم بارد وتعمق مشاعر الحقد والكره وتدعو للحرب بدل السلام .
بيريز تحمل المسؤولية طوال عمره السياسي . عيّن رئيسا منذ سبع سنين تنتهي في 24 يوليو – هذا الشهر- . وكان تقلد المناصب الرسمية الهامة بين 1948- 1986وفي كل المراكز عمل بشكل مباشر وغير مباشر على قيام وتقوية أركان الدولة العنصرية وفي تعزيز المشروع الصهيوني الذي يسعى ليهودية الدولة , أي نسيان حق الفلسطينيين بالأرض والوطن والعودة. عمل أول وزير خارجية ومدير دفاع أثناء بناء المفاعل النووي(ديمونة ),- الذي يشكل خطرا على العالم أجمع اليوم – وللتذكير رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة 1970” لحظر الانتشار النووي “ .في مرحلة أخرى كان بيريز المنسق مع فرنسا أثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956, بالاضافة لما تقوم به اسرائيل من اعمال إجرامية .
ومن الطريف أيضا أن التحيز لاسرائيل وصل الذروة بعد أن حصل بيريز على الوسام .وقد تجلى ذلك بموقف بانكي مون رئيس الأمم المتحدة المؤسسة الدولية التي آلت على نفسها عام 1948 عندما انشئت أن تبعد شبح الحروب عن العالم . رئيس الأمم المتحدة اليوم يرى ويتصرف عكس ذلك وبانكي مون يبارك لبيريز ويخطب أمامه خطبة عصماء أشبه ما تكون “بمديح الظل العالي” . كما نرى فالعالم يسير نحو الهاوية . إسرائيل تقوى على صانعي القرار في أمريكا والكونجرس الأمريكي وبانكي مون يمتدح من لايستحق المديح ولا الوسام. وأرى أن بانكي خرج عن الالتزام بالموضوعية التي هي من أهم القيم التي يجب التحلي بها مادام على رأس عمله , ولعله فعل ذلك وهو لن يحتاج لاسرائيل أو أمريكا في دورة قادمة لن يخوضها في انتخابات قادمة .نسي مون أنه في زمن بيريز وقوته الصهيونية اعتدت اسرائيل على مكتب الأمم المتحدة في مذبحة قانا في لبنان في 18 نيسان 1996 . قتل في المذبحة 106 وجرح 115 من اللبنانيين الذين لجأوا الى قوات حفظ السلام (يونيفيل ) عندما أغاروا عليهم عمدا , كما تشير وثائق وتقارير المختصين .
ليس خيالا , كما يبدو, فإسرائيل بلا شك تمسك أمريكا من “خناقها “ و(الأوباك) اللوبي اليهودي في أمريكا يحكم الكونجرس الذي منح بيريز الميدالية وساواه بأبطال التحرر الوطني والعدالة الانسانية وبخاصة وهو ينسى جورج وشنطن العملاق ليستبدله بالقزم بيريز ؟ لقد أظهر هذا التكريم الخاطئ , ليس فقط وجه الكونجرس الأمريكي البشع , بل أيضا وجه بيريز المسؤول في دولة اسرائيل العنصرية . ولعلنا نجد من العقلاء في أمريكا من يطالب بسحب هذه الميدالية منه اليوم قبل غد , وليس هذا الطلب ببعيد !!