استشهاد محمد حسين أبو خضير من شعفاط القريبة من القدس ليس الأول ولا الأخير من الاطفال الفلسطينيين على أيدي الجلاد الاسرائيلي، فعددهم كبير يزداد كل يوم، وذلك بسبب زيادة الإصرار على البقاء في فلسطين المحتلة وحتى تحت نارها اللاهبة .المعروف أن اسرائيل تستعمل بضع وسائل للانتقام من الفلسطينيين وهم يواصلون طريقهم في “ حرب التحرير الوطنية “ التي يخوضونها منذ العام النكبة 1948 . وبدأت المعاناة قبل ذلك التاريخ عندما وضعت اسرائيل خطتها للاستيلاء على الأرض والتخلص من صاحب الارض العربي . كان لهم تحقيق بعض الأهداف وهو طرد عرب فلسطين من المدن والقرى، وبشكل جماعي مدروس يقارب كل السكان العرب .طردوا أو اضطروا للهروب من المنطقة تحت الاحتلال اليهودي الاسرائيلي . وكان أهم وأقوى الأسلحة التي استعملوها هو التخويف ليس بالقول بل بالعمل، وكانت مذبحة (ديرياسين )عبرة لمن كان يجرؤ على البقاء عندما قاموا بقتل الأجنة في بطون الامهات ورميهم في البئر مع ما يزيد عن 250 شخصا من الشيوخ والنساء والاطفال في القرية المسالمة . أسلوب جديد تستعمله اسرائيل هو الحرق حتى الموت في محرقة أو هولوكوست أنشأتها منذ قيامها في فلسطين .
إسرائيل التي تريد” يهودية الدولة “تبحث عن مبررات لابقاء قضية فلسطين رهن تصرفا تها، وقد سئمنا من ترديد الاعيبها وبخاصة حيلها لإخماد جذوة الحماسة للشعب الفلسطيني المشتعلة للعمل على العودة لفلسطين المسروقة . ومن يتتبع اساليبها ليعرف أن سياستها أصبحت مفتوحة ودون خجل أو خوف من القرارات الدولية وقوانين الشرعية الاممية . لحق تعذيب وقتل محمد خضير، تعذيب ابن عمه طارق الذي تظاهر مع الشباب للاحتجاج على موت قريبه، وكأن ضميره يقول “ أنا وابن عمي على المحتل “ . ولا شك أن صورته على وسائل الاتصال الاجتماعية وكلنا يشاهد اثنين من عساكر اسرائيل يعذبونه عن قصد ثم حرقه كما ثبت من التحقيق، وقد يكون ذلك لإخافة الشباب من مواصلة المشاركات في الاحتجاج ضد الممارسات الهمجية . اتقنت اسرائيل أيضا استعمال اعلامها لتزوير الحقائق في الماضي، ولكن” الاعلام الجديد “اليوم اصبح سيد الموقف ولا مجال لانكار هذه الهلوكوست الاسرائيلية . حرق الطفل، وتشويه وجه ابن عمه، الذي يحمل الجنسية الامريكية وقد دفع البيت الابيض استنكار العمل، والقول، إن أوباما لا يستطيع فعل شيء لطارق “الأمريكي “ . !!طارق ابن شعفاط العربية الصامدة .
الحقائق تقول، إن، أوباما يمكنه أن يعمل الكثير اليوم وكان بإمكانه فعل الكثير لو كانت أمريكا غير منحازة لأسرائيل ودعمها بالمال والاسلحة لقتل الفلسطينيين . ولا ننس أن أمريكا كانت ولا زالت الممول الأكبر لبناء المستوطنات، التي أصبحت الأهم على أجندة المفاوضات الفاشلة لمدة 25 سنة ومن أجل تعقيد عملية السلام الوهمية . . اسرائيل اليوم تستعمل المستوطنات والمستوطنين لاستفزاز هؤلاء الشباب الاقدام على رفع الصوت والاحتجاج على حقيقة استعمارهم لبلدهم . أمريكا اليوم مشغولة بكثير من الاحداث الخطيرة التي تشعل النار في المنطقة بكاملها . ويبدو أنها تراقب نتيجة استراتيجيات وسياسات سابقة خططتها” لمنطقة الشرق الأوسط الكبير “ الذي بات لا معالم له، وأمريكا ماضية في” الفوضى الخلاقة “ وتقسيم الدول الى” فتافيت “ يسهل هضمها إذا ما تدخلت تبعا “لخطط خفية “.
إن الغليان الذي يعيشه الناس في فلسطين المحتلة” داخل وخارج الخط الاخضر لهي مؤشر على بوادر”ثورة حجارة جديدة “ كالتي استشهد فيها محمد الدرة . إن ثورة الاطفال هذه تذكّر أن “الصغار لم ينسوا “ ثورات الأطفال ولا الاجداد ضد المستعمر، وهم يرددون أقوال عبد الرحيم “ سأحمل روحي على راحتي، وارمي بها في مهاوي الردى / فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى “ .
لا بد للفلسطينيين أن يرسموا طريقا جديدة للصغار والكبار، في هذه المرحلة التي أخذت القضية الفلسطينية فيها بالبهتان والاهمال والالهاء رغم الحرائق المتواصلة، والسؤال الملح اليوم هو : ما فائدة هذه القرارات الدولية الكثيرة اذا لم تطبق؟!. ولعلنا اليوم أيضا نذكر بميثاق الأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية، وتقارير الخبراء وقرارات حقوق الانسان، والاعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته، واتفاقية جنيف الرابعة، غيرها التي لم تطبق بالنسبة للفلسطينيين . ولعل السؤال الذي ينتظره كل الغيورين على الارض والانسان الفلسطيني، لماذا لا تذهب السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة بمؤسساتها المتنوعة، وقد نجحت في اغاظة اسرائيل عندما أصبحت “عضوا “ صوتت لها 194 دولة .؟ ولا أجد طريقا غير ذلك، وبخاصة أن ذلك قد اغاظ اسرائيل، وعاقبت الفلسطينيين على هذا العمل الذي سلط الاضواء على القضية الفلسطينية . لقد مضى الوقت، الذي تحاول أمريكا ابقاء الخلاف الفلسطيني حيّا، ولعل الطريق للأمم المتحدة هو الطريق المفتوح، فلماذا الانتظار ؟ ولا بد من تفعيل القوانين والقرارات الدولية يجهد دولي.. بدل” قبول الاستنكارات “و الانتظار لمزيد من البكاء والعويل ..؟