يفاوض الوفد الفلسطيني أو بالأحرى” المقاومة الفلسطينية” المكوّن من الفصائل الفلسطينية بما فيهم حماس حتى هذه- اللحظة التي أكتب بها المقال – مع وفد الكيان الصهيوني بشكل غير مباشر في القاهرة. ويبدو أن المفاوضات لم تأت بجديد بسبب تعنت اسرائيل , برفض طروحات المقاومة ومطالبها ومنها فتح المعابر برا وبحرا ورفع الحصار والافراج عن المعتقلين . وتمت الاجتماعات في هدنة ال 72 ساعة . ويبدو أيضا أن الجانب الفلسطيني مصر على عدم قبول أية تنازلات مثل نزع سلاح المقاومة , وهو حلم وشرط تريده اسرائيل . في هذه الحرب أثبت سلاح المقاومة بصواريخها التقليدية والمطورة , أن هناك قدرة على المضي في المقاومة وبكل الأساليب . ولعل الانفاق أيضا التي فاجأت الجميع كسلاح فعّال ما أثبت للعالم أن هناك تطورا ملحوظا ونوعيا في العمل . وكذلك هناك اصرار على عدم التفريط بمكتسبات المقاومة رغم وقوع ذلك العدد الضخم بين المدنيين من اطفال ونساء وشيوخ , بلغ عددهم1875 شخصا , وبالمقابل سقط 68 جنديا وثلاثة مدنيين . عدد القتلى بين الاسرائيليين ,هو فعلا ما جعل نتنياهو وحكومته وعسكره يدركون أن هناك عامل جديد لم تتذوقه من قبل استعمل و كشف الحقيقة بأن جيشها يهزم ., وأن الفلسطينيين متحدون في مقاومتهم ضد الاحتلال .
عرفت إسرائيل أن حماس المسيطرة على قطاع غزة منذ ثماني سنوات , استطاعت أن تهزم اسرائيل بصمودها رغم الحصار بالاضافة لتوحد المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها لتعلن هدفا واحدا وهو رفع الحصار عن غزة بالاضافة للسير في طريق حل القضية واقامة الدولة الفلسطينية . من مكتسبات هذه الحرب الجديدة على غزة , هو اعادة القضية الفلسطينية حيّة الى شوارع العالم المناصر, بعد أن أصبحت مهمشة من كثرة الأحداث ,” والفوضى “ في المنطقة . بالاضافة الى خلق انسان فلسطيني جديد له معنويات عالية رغم الدماء الكثيرة والالام الانسانية المتواصلة .
كانت اسرائيل وشركاؤها ينظرون الى حماس كخارجة عن القانون , أو بمسمياتها” ارهابية “ولطالما حاولت سياسة الاستعمار التقليدية في ابقاء الخلاف الفلسطيني الفلسطيني حيّا . وقد تكون احدى أهداف العدوان , هو إفشال الاتفاق الفلسطيني , واعادة الوضع الى عملية مفاوضات سخيفة لأمد طويل لتضييع الوقت . تم الاتفاق الفلسطيني الذي لا تريده اسرائيل , خوفا من مثل هذا العمل الموحد الذي انتصرت فيه المقاومة . ومن جهة أخرى , تغيرت مواقف الرأي العام ولهجة كثير من الصحافة الامريكية والاوروبية , التي كانت تستعمل المصطلحات الاسرائيلية لوصف المقاومة , وإن كانت , صحافة الغرب لا زالت متحيّزة لاسرائيل . من الامثلة التي تزيد في فضح اسرائيل بعض المواقف الموضوعية التي وصلت للرأي العام العالمي , وهو قول كارتر , رئيس الولايات المتحدة الأسبق , الذي دعى الى ضرورة الاعتراف بحركة حماس كلاعب سياسي , ووصف ما قامت به إسرائيل , بأنها قامت بأعمال تدميرية , كما طلب فتح المعابر وإعادة تعمير القطاع . مثال أخر , امتنعت جريدة “تايمز اللندنية “عن نشر إعلان يدين حماس وسارت ضد التيار الذي حذته الصحف الأمريكية , تايمز , نيويورك أوبزيرفور , واشنطن بوست ,ول ستريت جورنال , مما يشير للتغير في الاراء .
بينما تجتمع اسرائيل في القاهرة , فهي لا زالت تقوم بأساليبها التقليدية أيضا في حل القضية الفلسطينية , بل تعقيدها . هذا رغم أنها اكتشفت في هذه الحرب أن الشعب الفلسطيني , لم يمت , وظل صابرا ليحي المقاومة من جديد , ويعمل بأساليب أكثر جدية من السابق . بالاضافة, أن الشعب يلعب دورا أساسيا مع المقاومة التي اعادت الأمل لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة , التي يجب أن تكون هدف أي مفاوضات أو أعمال عسكرية اليوم وغدا . !!