حرب اسرائيل الوحشية على غزة التي تخوضها اليوم هي الحرب الثالثة على قطاع غزة في مدة ست سنين، حرب انتقامية، أدمت كل عائلة في القطاع، كما قلوب البعيدين المتفاعلين والمتفرجين. ولعل أكثر ما يبعث على الحزن هو هذا العدد الكبير من الاطفال الذين قتلتهم اسرائيل بدم بارد وهم يرضعون من اثداء الامهات، أو وهم يحتضنون العابهم أو يحلمون بملابس العيد الجديدة و بكعك العيد وخروف العيد.
اسرائيل في حربها القذرة قامت بالجرائم والمجازر التي حولت القطاع الى برك من دماء الأطفال وهي تستهدفهم دون رحمة أو احترام لحقوق الانسان. ولعلها لا تبالي لأنها تعودت على قتل اطفال الفلسطينيين في المذابح المتواصلة منذ عام النكبة بالاضافة أنها لم توقع على” اتفاقية حقوق الطفل “. التي لا تعني شيئا لها وهي التي لا تحترم أية اتفاقيات دولية سواء وقعت عليها أم لم توقع.
اجتمع العالم في “ مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل “ في نيويورك بتاريخ 30 أيلول 1990. الهدف كان وضع” اعلان عالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه”.” ولأهمية الموضوع حضرت المؤتمر 160 دولة، وعلى أعلى المستويات. حضر 72 رئيس دولة أو رئيس حكومة ومن بينهم أربعة دول عربية هي : الكويت ولبنان والسودان وتونس. وحضر 88 ممثلا عن الرؤساء أو رؤساء الحكومات بصفة مراقب منهم ست عشرة دولة عربية هي : البحرين والعراق والاردن وليبيا والمغرب وموريتانيا وعمان وقطر والصومال وسوريا والامارات العربية المتحدة و مصر واليمن والجزائر واليمن وجزر القمر. بالطبع لم تحضر اسرائيل ولا على أي مستوى، وقد حسبت حساب مثل هذه الحروب التي تتصرف فيها دون التزام بأية قوانين، ولكي لا تحاسب على انتهاكها حقوق الانسان وبخاصة وقد تعودت أن لا تعاقب ما دام الفيتو الامريكي يحميها.
التحدي الذي وضع في وثيقة ( الأطفال أولا ) وما جاء في( اتفاقية حقوق الطفل تقول :”يتعرض الاطفال…الى مخاطر تعيق نماءهم وتنمية قدراتهم وتشتد معاناتهم بسبب الحروب أو أعمال العنف. أو بسبب التمييز العنصري والعدوان والاحتلال الاجنبي لبلدانهم وضم تلك البلدان، والتشرد والنزوح… وكثيرا ما يكونون ضحايا الاعاقة والاهمال والقسوة والاستغلال . “ لم يمنع هذا النص او غيره اسرائيل من قتل هذا العدد الكبير من أطفال غزة ماتوا نتيجة جرائم حرب ترتكبها عن قصد وهدم الدور على رؤوس ساكنيها في غزة. فبعد هذه الصور المريعة مما أصاب الاطفال والكبار من تشوهات، تقبل إسرائيل بعد دلال، هدنة متقطعة بطلب من الدول ( الشجاعية )التي جعلتها أثرا بعد عين وهي مستمرة في فعل المجازر في الأحياء الاخرى وأنا أكتب هذا المقال..
ما يجري في غزة هي جرائم حرب لا شك فيها، لأن اسرائيل لا تسمح بحماية المدنيين والاطفال فهي خلال حربها الانتقامية تمنع عنهم الغذاء والدواء وهي مستمرة بغلق المعابر، وتقطع الوقود والكهرباء وتمنع وصول المياه الصالحة للشرب. بالاضافة لحرمانهم من الخدمات الصحية. تعيق مأساة الناس في القطاع الذي يعاني من وضع اقتصادي وصحي سيئ بسبب الحصار المضروب عليهم منذ ثماني سنوات. وفي هذه الحرب القذرة تزداد حدة الفقر والمعاناة وخلق بيئة متدهورة وبخطط مرسومة من الجلاد وهي تنتهك قوانين حقوق الانسان.
اتفاقية حقوق الطفل التي تتضمن 54 مادة وضعتها منطمة اليونسيف للأمم المتحدة المعنية بالاطفال في العالم، تبقى” حبرا على ورق” كما الاتفاقيات المتعددة الاخرى التي وضعت بعد ويلات حروب عالمية اثنتين جلبت الآلام على الانسان. ومع ذلك، اسرائيل اليوم تقوم بحرب على غزة تجلب فيها المآسي والفظائع. المشكلة اليوم أن إسرائيل تكرر ارتكاب الجرائم لأن لا رادع لها وهي لا تحترم القوانين الدولية. بعد مجزرة الشجاعية، لا بد من وضع حد لوحشيتها، ولا يتم ذلك الا بأخذها للمحكمة الجنائية. وتفعل السلطة الفلسطينية حسنا وهي تخطط للقيام بذلك. اسرائيل تحسب حساب ذلك، الا أنها في الوقت ذاته تعتمد على حليفتها الولايات المتحدة التي وقفت بالفيتو الامريكي لتمنع تطبيق أية قوانين لمعاقبتها على جرائمها. اسرائيل ادمنت على الفيتو الامريكي، فهل تنجح المحكمة الدولية إن وصل طلب الفلسطينيين لها، لمعاقبة هذه الدولة المارقة.؟ لننتظر ونرى، بينما اسرائيل مستمرة بتحدي كل القوانين الدولية غير معترفة بشيء غير وحشيتها التي تقتل الاطفال والنساء. وكأن هذا عمل طبيعي وعادي بالنسبة لها!