وضع البرنامج الذي خططت لاقامته (مؤسسة فلسطين الدولية ) لتكريم كوكبة من الرواد الفلسطينيين، جمال بدران، أحمد الشقيري، فدوى طوقان، ناجي العلي غسان كنفاني، ادوارد سعيد، وليد الخطيب .و يحي الحفل، الشاعر تميم البرغوتي، وفرقة القدس للتراث الشعبي الفلسطني . ولعل البرنامج المكثف هذا واهمية الشخصيات المكرمة ما جعلني حريصة على الحضور . ذهبت قبل الوقت بأكثر من بنصف ساعة .وعندما وصلت المركز الثقافي الملكي رأيت جماهير غفيرة تقف أمام البابين، فحسبت أنني أخطأت العنوان، ولكني تأكدت أنه المكان الذي سيقام فيه النشاط المعلن عنه. انتظرت مع هذا الحشد الذي لم أشهد له مثيلا من جمهور المركز . وجاء الخبر يقول: إن القاعة لا تستوعب كل هذه الجموع. ثم أعلن عن الغاء النشاط. وظل الجمهور الذي خاب ظنه، يردد تميم .. تميم .. تميم، وفي الداخل ايضا يرددون اناشيد وطنية وبعضا من شعره بحماسة شديدة .
ما لفتني هو الجمهور الشاب من الذكور والإناث الذين أتوا من إربد والزرقاء وبالطبع من عمان . حضروا للاستماع للشاعر الشاب . أي الصغار أتوا ليستمعوا لتميم البرغوتي الذي سيسمعهم بلا شك قصيدته الأولى( القدس ) التي تعبر عما جرى لها تحت الاحتلال : “مررنا على دار الحبيب فردنا / عن الدار قانون الأعادي وسورها …”, وسيسمعهم .. من قصائده ذائعة الصيت وهو يلقيها باللهجة المصرية أو اللغة العربية الفصحى الراقية.
سألت أسماء الصيفي من جنين، ومها شومان من حيفا المنتظرتين بجانبي بصبر، عن سبب اعجابهما بالشاعر تميم البرغوتي، وكان الجواب، ما يؤكد أن شبابنا بخير وليس كما يبدو للكثيرين أنهم غارقون في وادٍ آخر تلهيهم وسائل الاتصال الحديثة والتكنولوجا عن معرفة من يستحق ان يعرف بين المبدعين . ذكرت أسماء”إنه شاب مثلنا وهو يعبر عما يجول في خاطرنا باسلوب شاب واثق متمكن” . وذكرت مها، نحن لا زلنا نعيش حرب غزة التي راح ضحيتها الابرياء نتيجة الحرب الوحشية، وبحاجة لمن يبقي مشاعرنا وعواطفنا حيّة وقوية “ وذكر شاب آخر،،” رحل محمود درويش، الذي لن ننساه لأنه شاعر العواطف وحب الحياة والوطن، ورحل مؤخرا سميح القاسم شاعر المقاومة، ونحن نبحث عمن يسد الفراغ، وقد وجدنا ضالتنا في تميم البرغوثي “ . – وتميم هو ابن الشاعر مريد البرغوتي الفلسطيني، ورضوى عاشور الكاتبة والاستاذة المصرية الكبيرة- أتى الشاب من إربد ليشحذ عواطفه . منظر جميل هذا الحشد من الشباب، يحرصون على شحذ العواطف، وعدم نسيان ما يقوم به الاحتلال .
جاء جمهور الشاعر الشاب المثقف الأستاذ الاكاديمي ليرد على مقولات إسرائيل التي نظل نضحضها،” الكبار سيموتون والصغار سينسون “ جمهور الشاعر الموهوب أحسن مثال، فالشباب لم ينسوا التاريخ ولا الجغرافيا .جاؤوا لتكريم الكبار الذين رحلوا وليؤكدوا احترام ريادتهم .. ولا شك أن للرموز الوطنية التاريخية والحديثة تأثير على نشأة وابداعات الشباب، وبخاصة وعالمنا العربي يعيش حالة فوضى تعتبرها أمريكا “خلاقة “, وتعني لنا أنها فوضى لطمس الاحلام لحياة أفضل كما نرى فوضاهم تحيزهم الدائم لاسرائيل والسكوت عليها وهي تقوم بتهويد ما تبقى من الاراضي العربية لبناء المستوطنات الاستعمارية . سعدت واستبشرت خيرا من هذا الجمهور الشاب الذي يستحق فعلا حياة فيها أمن وسلام ليتمكن من العطاء ولا يستحق خيبة كهذه .
أتمنى على صديقي د. أسعد الرئيس التنفيذي للمؤسسة، أن ينظم حفلا ثقافيا جديدا للشاعر تميم البرغوتي وحده ليستمع معجبوه لأفكاره وشعره وابداعاته، وليتعرفوا عليه عن قرب . بالاضافة لاقامة نشاط آخر منفصل لتكريم الرواد الكبار، لكي يتعرف الشباب إلى ما قدموه للوطن من خلال تخصصاتهم المختلفة . فالبرنامج الذي لم يتم، كان مكثفا . أنا مع “الشباب “ جمهور تميم البرغوتي ننتظر الحفل القادم في مكان يتسع لأكثر من خمسة الاف شخص، مثل المدينة الرياضية ودون اية أعذار …. متمنية للعمل المؤجل النجاح، مع التحية !