قطعتها في مدة تزيد على النصف ساعة . لم تبد الطريق لي بعيدة بعد أن توسعت أضعاف التي « كنا « نقطع الطريق الى تلك المنطقة , وبسرعة معقولة .  أثناء هذا الوقت القصير حدّثت نفسي» بصوت عال» مرتين أي فقدت فيها أعصابي    , وشباك السيارة مغلقا خوفا من أن يسمعني أحد .  المرة الاولى عندما غافلني مستعجل ليتخطاني من الجهة اليمنى بشكل مخالف صريح ..  لأنه كما يبدو يخاف من مديره أذا تأخر . والمرة الثانية عندما أطلقت عنان « زامور « سيارتي بشكل غير مهذب ومزعج لأ ن الواقف أمامي بل النائم  في السيارة كما يبدو أطال الوقت لكي يتحرك بعد الاشارة الخضراء . وبهذا الازعاج سببت عدوى التزمير لكل من كان خلف سيارتي . والنتيجة كانت , أنني في المرة الأولى كنت الضحية , لأنني « مت من  الخوف « وفي المرة الثانية مزعجة وسببت ضحايا لا شك فقدوا أعصابهم . !وهذا يتعلق بمشكلة السير وكثرة السيارات .


وفي الطريق  والوقوف مرة أخرى  إجباري على الشارة , اعترضني  بائع  على الجهة اليمنى من الشارع غيّر مزاجي للأحسن , وهو يقترب من الشباك ويقول لي « الورد للورد « , كان تأثير الكلمة التي صدقتها رغم معرفتي أنها إحدى وسائلة الدعائية للتاثير على الشاري , ابتسمت ودفعت له ما يريد , وكأني أشتري دواء مهدئا من الصيدلية وقلت في نفسي ذ كيّ هذا اليافع , عرف كيف يصطادني !.  تحركت السيارات بتؤدة لكثرتها , ولكي أرفه عن نفسي الملولة , غنيت بصوت لا يطرب عليه أحد غيري, أغنية قفزت من الذاكرة دون استئذان لتساعدني على الصبر : « وين طريقك وين .. و أروحله منين .. وين ..؟»  بالاضافة  ساهمت الورود التي تجلس بجانبي على الكرسي معززة مكرمة بتغيير المزاج لأنها نفحتني بعضا من رائحتها الزكية . وكان عليّ أن أتوقف بسعادة لسيدة تعبر الشارع المزدحم , في اتجاه مدرسة و هي تمسك يد ابنها الذي يحمل حقيبة مدرسية كبيرة لسنّه وحجمه النحيل ,  وأيضا لقلة ما فيها كما تبدو وليس لكثرتها , كما يشكو الأهالي  وتنبأت أن ما فيها قد يكون  دفترا ومقلمة ألوان ودفتر تلوين , وربما قصة أطفال ؟ . مرت المرأة  بسلام , وأخذ عقلي يتساءل , يا ترى ماذا تحلم هذه السيدة أن يكون ابنها في المستقبل؟ , وأجبت : بلا شك ليس بيّاع زهور مثل صديقي السابق , أو بائع كعك مثل الذي مررت عنه , أو سائق تاكسي أصفر أو رمادي كالتي تتزاحم وتعبئ الشوارع  أو حتى سائق مرسيدس أسود, أو بائعا في أحد الدكاكين التي لم تفتح أبوابها بعد ,أي من الناس العاديين الذي نعيشهم ويعيشونا , ولا يجنون الكثير من المال من أجل حياة فيها رفاهية أكثر و مع احترامي للجميع.    


هذا السؤال ظل يلح عليّ ويسليني في رحلتي ,وجاء «الموبايل» برنته , ولم ارد عليه كالعادة وأنا أسوق , فقلت لا شك أن في حقيبة هذا الطفل «موبايل» صغير كبقية الاولاد إذ أصبح صديقا للأطفال بدل الالعاب , أو ربما لأن فيها العابا الكترونية . وصلت باب الجامعة , وطلاب الجامعة بتزاحمون في أيامهم الاولى للعلم , الذي لا بد منه في كل المراحل , وكما صرح المسؤولون أن هناك هذا العام 200 ألف طالب وطالبة . في الجامعات الرسمية والتي سيصبح العدد مع قائمة القبول الموحد 24541. هذا الرقم يبشر بمواصلة الاهتمام بالتعليم العالي في الاردن , كما التعليم الاساسي , الذي يزداد بشكل مضطرد منذ عام 1955 بعد وضع قانون العاليم الاجباري. وقد ساهمت النهضة التعليمية الى مكافحة الامية و التي اصبح الاردن فيها يحتل المرتبة الثانية عربيا كما جاء في في مؤشر اليونسكو حول تحقيق اهداف التعليم للجميع . والهدف  سيتحقق ليصل الى مستوى محو الامية 100% أذا ما بقيت الاستراتيجية تحمل هذا الهدف  المفرح  والذي يشير الى تنمية مستدامة .


ماذا , سيكون هذا الولد الذاهب للمدرسة  في المستقبل؟  نسأل  في الوقت الذي نحن بحاجة لكل التخصصات , والتعليم الاكاديمي وغير الاكاديمي , بخاصة التعليم المهني الذي لا غنى عنه في مجتمع نشط يطمح لتنمية مستدامة . إن مشكلة التعليم في الاردن رغم نسبة التعليم العالية , تحتاج الى دراسات جديدة وجدية لحل ما يعترضها من مخاطر ترتبط بسوق العمل أو الابحاث العلمية اللازمة والضرورية .  بالاضافة  فان مناهج التعليم في التربية , وطنية والعلوم الانسانية والجغرافيا والتاريخ  يجب أن  تقوى لأنها التي تحمي الهوية من الضياع في خضم عالم التكنولوجيا والسياسات المشروطة . مناهج التعليم في الاردن , تحتاج اليوم الى مراجعة جادة وبخاصة لما حصل من المستجدات غير المرحب بها .( وللموضوع عودة لاهميته .)

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment