منذ اسبوع وأنا أتتبع أخبار» الولد يوسف» الذي فقد ثم ظهربعد خمسة أيام حيا يرزق ليس في عمان وضواحيها , بل في مأدبا- ليس للسياحة -, بل في» دار ايواء المتسولين « وكأنه ليس في عمان دار للايواء ؟ تنفست الصعداء عندما قرأت بالامس خبر عود ة الولد لأهله . خبر تابعته , لاهتمامي بالطفولة ومشاكلها وكيفية تطبيق القوانين المتعلقة بالطفولة والصادرة عن منظمات الأمم المتحدة , وأهمها( الأطفال أولا : الاعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونموه , الصادر 1990 ). وكنت بتاريخ 30 ديسمبر من العام الماضي , أي قبل سنة تقريبا , كتبت مقالة في (الدستور) تحت عنوان « لماذا خجلت من عيون طفلة الشارة الخضراء ؟ « , تناولت فيها مشكلة تسوّل الأطفال على الشارات الضوئية . وجاء في ختام المقالة , لعل وزارة التنمية التي تبحث عن مثل هذه الحالة , تجدهم عند تقاطع الشارات , وذكرت مكان الشارة , لأدل على الطفلة المسكينة التي كما ذكرت في المقالة تبحث عن مدرسة تتعلم فيها . « شعرت وأنا أقرأ عن تعقيدات اختفاء يوسف , من» أطفال الشارات المرورية « أنني مذنبة , لأنني أدل على زملائه المتسولين , وأشي بهم , كما فعلت مع طفلة الشارة الخضراء في مقالتي المذكورة , واتساءل اليوم عنها , وماذا حدث لها , لأنني لم أعد أراها . وتخيّل لي أن وزارة التنمية ,ربما قرأت ما كتبت وسمعت صوتي وانقذت مشكورة الطفلة الفقيرة دون تعقيد الأمر كما قضية يوسف ؟؟؟
حسنا فعلت وزارة التنمية اذا ما « أخذت بملاحظاتي «أو ما طبقت خطتها « لمكافحة التسول «, وهي مبادرة جيدة . ولكن يبق السؤال , لماذا مشكلة أخرى وكأنه اختطف من قبل» فرفة مكافحة التسول « وعدم ابلاغ اهله عن مكان وجوده ؟ وكما هي الحال في» قضية يوسف « .وكان يمكن تجنب التعقيد , فقط بالبحث عن أهل الولد واخبارهم عن ابنهم وجرمه بالتسول , وتحذيرهم وجعلهم المسؤولين عن عقابه في حالة عدم معرفتهم بما يقوم به أو تجريم الأهل وليس الطفل , فكثيرا ما نرى نساء في الشارع يتسولن على طفل لا زال في الكوفلية لادرار عطف الناس . . وبخاصة وكما يقول الخبر أنهم نفوا تهمة التسول عنه . ما يزيد الطين بلّة أنه لم يكن لوحده , بل مع ثلاثة اطفال أخرين , أي» عصبة» . وكما هو معروف في هذه السن , فإن الاطفال يقومون بأعمال فيها تحد للمجتمع لاثبات شخصيتهم في مرحلة هامة مرحلة «التكوين « ؟ كما نعرف لدينا مشكلة للتسول في الاردن ,وأن لم تصل الى ظاهرة ليس فقط بين الاطفال , بل بين الكبار أيضا ,الذين أدمنوا على هذه العادة القبيحة وغير الانسانية , التي تفقد الانسان كرامته . فكيف بالطفل الذي نريده سويا في أخلاقه وتصرفاته ؟ وهنا لا أريد أن أبدو مثل المصلح الاجتماعي أو ألعب دوره , ولكنني استنتج من الحادثة , أننا ورغم الاهتمام بالتربية والطفولة المبكرة , لا زلنا بحاجة للاهتمام المتكامل من المؤسسات المعنية قبل أن تستفحل المشكلة وتصبح ظاهرة متأصلة في المجتمع .
«الطفل يوسف» , موجود في أكثر الشوارع والازقة الفقيرة , موجود عند الشارات متسرب من المدرسة يحمل» العلكة « أو قطعة قماش بالية ليتظاهر بأنه عامل يمسح زجاج سيارتك . عمالة الاطفال , أيضا , هي نوع أخر من ابتزاز الطفولة , في البيوت الفقيرة , أو عند الشارات. وخلاصة القول : إن الفقر بجميع أشكاله الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , هو سبب المشاكل التي يتعرض لها يوسف وأصحابه , ولعل البحث عن» فقراء داخل البيوت « ومساعدتهم في هذا الوقت الذي تزداد فيه نسبة العاطلين عن العمل , يكون أحسن علاج لابقاء يوسف في حضن أمه وليس في دار الايواء في مأدبا ؟