أصوات كثيرة سمعت في المدة الاخيرة تتعلق باستفزازات اسرائيل المتواصلة للفلسطينيين وعلى رأسها دخول اليهود الى باحة المسجد الاقصى. لم تكن هذه  المحاولة الأولى ولا الأخيرة لمواصة تنفيذ مخططهم الاستعماري لوضع القدس بما فيها من مقدسات اسلامية تحت قبضتهم الوحشية. وفي محاولتهم الاخيرة التي تصدى لها الفلسطينيون سقط الشهيد ( معتز حجازي ) الذي اتهم باطلاق النار على المتطرف اليهودي( يهودا غليك ). صورة الوقوف في وجه اليهود الذين يعملون بالسر والعلن للاستيلاء على المسجد الاقصى، لا بل هدمه لاقامة هيكل مزعوم على إنقاذه تتكرر وهم يسمون المكان تزويرا للتاريخ بـ” جبل الهيكل “.


  هذه المحاولة، مرة اخرى تبدو “جس نبض “ لأساليب المستعمر من اتخاذ خطوة تخطط لها منذ زمن بعيد وهي خلق حالة “ الامر الواقع “ كما حاولت وفشلت قبل 80 عاما. ففي 24 سبتمبر من عام 1928، المصادف لعيد “الغفران “استفز اليهود المشاعر الاسلامية، وكانوا يخططون للاستيلاء على حائط البراق الذي يسمونه “حائط المبكى “. فقاموا بسلسلة من الحوادث أدت الى الاصطدامات الدامية في اغسطس 1929 التي أشعلت “هبة البراق “. كان اليهود قد احضروا معهم مقاعد الى مكان البراق النبوي الشريف، بالاضافة وضعوا ستارا على الحائط للفصل بين الرجال والنساء في محاولة لتحويل المكان الى كنيس يهودي. وحدثت الصدامات عندما حاول المسلمون نزعها، ثم نزعت بالقوة من قبل البوليس.


  حادثة البراق، التاريخية، انعشت “ الحركة الوطنية “ آنذاك التي تحركت بمسلميها ومسيحييها. كان واضجا باحتجاجهم برفع مذكرة للمندوب السامي البريطاني، نشرتها الصحافة جاء فيها “ البلاد مهددة اليوم باضاعة كيانها واضمحلال قوميتها تماما “. أوقعت هبة البراق 133 قتيلا يهوديا و339 جريحا و166 شهيدا مسلما و 232 جريحا. كان من بين الشهداء عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي، شهيد اليوم معتز حجازي قد يكن فعلا حفيد أو حفيد حفيد فؤاد حجازي، يكذّب مقولة اليهود :” الكبار سيموتون والصغار سينسون “. تكرار الاحداث يذكر دوما بالاقوال والافعال اليهودية والاستعمار الصهيوني المعشش في جدران القدس واراضيها التي يبنون عليها المستعمرات..


  ولعل حوادث المسجد الاقصى والمحاولات لتهويد كل شبر فيها، تكون سببا اضافيا لتحريك مشاعر الدول التي تؤمن بالحقوق الفلسطينية التي أخذت ترتفع، لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كانت أولها السويد التي نحييها ونرجو أن تتبعها  بقية الدول الاوروبية بعد أن تتحرر “من عقدة الذنب “ الوهمية التي تأصلت بهم بتأثير من الصهيونية العالمية. ولعل اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين يغفر لها خطاياها “بوعد بلفور”.

  ما تقوم به اسرائيل من دخول باحة الاقصى، يعتبر اعلان حرب صريح، في الوقت الذي تفشل اسرائيل باعادتها لأخطائها التاريخية البعيدة والقريبة. وبخاصة والوضع يشي بامكانية قيام” انتفاضة ثالثة “، تخيفها كما تخيفها أيضا ذاكرة حرب غزة. صور واضحة من الماضي والحاضر تعرفها وتخافها اسرائيل، فمتى تتعظ وتنهي هذا الاحتلال الوحشي، ليتحرر الأقصى وبقية الأرض الفلسطينية، ويتوقف قتل الشهداء بدم بارد ؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment