قول أعجبني عن “القيادة المثالية “ لرئيس دولة الأروغواي ( خوسيه موخيكا ): “ أهم أمر في القيادة المثالية، هو أن تبادر بالقيام بالعمل حتى يسهل على الاخرين ، تطبيقه “ . قول يبدو بسيطا، ولكنه يحتاج -أيضا- لشخص يمكن تطبيقه وهذا الأسلوب “السهل الممتنع “.. يبدو صعبا في الحقيقة الا لمن يؤمن به ايمانا يجري بدمه .
الرئيس، (76 عاما ) الذي يعدّ “ أفقر رئيس في العالم “ انسان متواضع شكلا وسلوكا، شكله وقور بشعره الابيض والأسود ، وتقاطيع وجهه ا كما الناس الذين تراهم في السوق في قاع المدينة، وعلى وجهه ابتسامة رضا . هو” موظف “ انتخب ليخدم شعبه ، يتبرع بـ 90% من راتبه للأعمال الخيرية، ويعيش على 1250 دولارا فقط هو وزوجته عضو مجلس الشيوخ والتي تتبرع هي الاخرى بجزء من راتبها للاعمال الخيرية . ومن يحثه الفضول مثلي للتعرف إلى هذا “القائد “، ليجد أنه يعيش في بيت متواضع ، وله مزرعة يزرعها بالأزهار هو وزوجته ويبيع الزهور . أما مطبخة وكما تشير الصور الذي يقف فيه لاعداد وجبة طعام، فهو أقل من مطبخ( أم محمد) فتاحة البخت التي كنا أيام زمان نفتح بختنا عندها ونحن صبايا .
مطبخ صغير “ المجلى “ صغير وتبدو تحته طناجر توتيا وكراكيب مثل كثير من المطابخ البسيطة الفقيرة، ولا أعتقد أن عنده عاملة منزل مثل أكثرنا . ونسيت أن أذكر، بأنه يلعب الكورة مع الاطفال في الشارع .. صديقنا الرئيس الفنزويلي يستعمل سيارة بيتل” سيارة الشعب “ فولكس فاجن زرقاء اللون موديلها قديم ، مثل سيارتي الأولى “ البيج “ وكان ثمنها في الستينيات كما أتذكر 1500 دينار وهو ثمن ليس بالقليل، وكانت مثل سيارة ( مريود التل ) رحمه الله ، “ مدير قسم المنظمات الدولية” الذي كان رئيسي، كموظفة في وزارة الخارجية آنذاك .
سيارة رئيس اوروغواي “ الزرقاء “، ذات الموديل التقليدي القديم يستعملها كل صباح السيارة الزرقاء، تذكرنا بسيارة كانت مثلها للرئيس السابق معمر القذافي قبل أن يصبح زعيما، وبخاصة أنه كان” قائد الشعب “ شاهدتها في متحف ، في قلب العاصمة عندما زرت ليبيا في زمن” ملك الملوك “ أحد القابه المفضلة وعندها احيلت السيارة إلى التقاعد في ذلك الوقت عندما كان يعبئ الدنيا بالخطابات والأحلام ، وبخاصة في مؤتمرات القمة العربية . الرئيس الاوروغواني يستعمل” سيارة الشعب “ كل يوم ، معروض عليه أن يبيع سيارته الخنفساء اليوم بمليون دولار .. الا أنه يرفض بيعها ، لأنها هدية بمنا سبة الرئاسة ، اهداه اياها مجموعة من الاصدقاء ، بعد جمع الأموال؛ ما يدل ان أصدقاءه الذين يعمل من أجلهم، أيضا فقراء مثله .. ورفضه هذا يدل على مدى ارتباطه بمبادئه التي يقولها ويطبقها .. ليكون قدوة تحتذى في القيادة .
وبالمناسبة، هناك سر لهذه السيارة الخنفساء، وربما من كانت لديه “ واحدة “ يظل يحن لها كحنيني، لسيارتى الأولى ،” الحب الأول “ وبخاصة كلما أرى سيارة قديمة مثلها مطلية باللون” الكعكباني “، وأخرى” ليليكية “ تتجولان في شوارع عمان ، أقول : ربما تكون سيارتي، واتمنى لو أستطيع استرجاعها بأي لون غير لونها الاصلي البيج .. وها أنا أعتبر قولي هذا بمثابة نداء لاصحاب السيارتين اللتين تستفزاني كلما رأيتهما وتعيدان الذاكرة الجميلة لعمان أيام زمان ؟ فهل يتحقق حلمي ؟؟