يحلُّ عيد الميلاد المجيد على إخواننا المسيحيين هذه الأيام وحالة العرب من مسلمين ومسيحيين في بلداننا العربية مُزريّة بسبب عدم تفتح براعم الربيع العربي، بالاضافة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي اللعين . ولعل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها هي ما يجعل أعياد اليوم ليست كما كانت “أيام زمان” خاصة في فلسطين .
كانت الأعياد في القدس قبل الاحتلال بهجة لنا نحن المسلمين , كما هي لإخواننا المسيحيين، كانت الأعياد مشتركة بالأفراح , وممارسة التقاليد والعادات , وتقاسم الأفراح بتبادل جيران الحارة الكعك والمعمول , واللعب بالحارة بالفساتين الجديدة . ولا أنسى شجرة عيد الميلاد لجيراننا “بيت فرح” و “بيت سمريوتي” , وهم يضعون لنا تحتها الهدايا مع هدايا أولادهم وبناتهم ونحن نحمل هدايانا لهم . هذه المناسبة بالذات تركت ذلك الحب والشوق الدائم للونين والأخضر والاحمر زينة الشجرة الخضراء ، ورائحة الشمع المضاء , ترش حبات بيضاء تترك أثرها على شجر الصنوبر الجميل . ولا أنسى الكعك الألماني بالقرفة المفضل لديّ والكعك بالمكسرات الذي كنا نتناوله , وما زلت لليوم أتلذذ بطعمها لتذكرني بأيام خلت، وكذلك أقوم ببعض الواجبات في هذه المناسبة .
هناك تناقض واضح , في كل شيء حولنا هذه الأيام , خاصة المظاهر والحالات النفسية , التي تصاحب الأعياد . مشاعر المحبة والفرح التي كنا نستمتع بها في عيد الميلاد المجيد , والتي تظهر بالزينة على شجرة عيد الميلاد , وما فيها من معان إنسانية , والموسيقى الخاصة التي نسمعها أينما كنا في هذا العالم الواسع . ومع الأسف، ما تقوم به إسرائيل من ممارسات وحشية في فلسطين , وما تقوم به الجماعات غير الانسانية العنصرية التي تفرق بين الديانات , وتطرد المسيحي أو اليزيدي من بيته في( الموصل ), حالة تبعث على الألم وطرد السعادة وتخلق التناقض , في معنى العيد والبهجة لكل من يؤمن بأن “على الأرض ما يستحق الحياة “ .
إسرائيل حاولت -وما زالت تحاول – طمس معالم التلاحم بين المسلمين والمسيحيين الذين يقاومون معا الاحتلال , بالاضافة لعملها المستمر للاستيلاء على كل شبر في فلسطين وتهويده خاصة القدس, لتحويل القدس “عاصمة أبدية “لها وعلى حساب أهلها الأصليين من مسلميين ومسيحيين . وكما نرى فهي تشجع , بل تطرد مسيحيي القدس وتدفعهم للهجرة . وتشير الإحصاءات الى أن عددهم آخذٌ بالتراجع منذ احتلال القدس الشرقية 1967 , وأكثر بعد العام 2000 , واصبح عدد المسيحيين في القدس الغربية لا يتجاوز 40 ألفا في الضفة الغربية , وفي قطاع غزة , 1250 نسمة . ولعل انخفاض عدد المسيحيين , كما يراه المسؤولون المسيحيون العرب هو كون القائمين على الكنائس كانوا في السابق -وما زالوا- ليسوا عربا أو فلسطينيين .
القدس مدينة السلام التي غنت لها “فيروز”،وتجولت في شوارعها،وحملت هدية الفلسطينيين” مزهرية “ ما زالت ترحب بمن يحبها , وترفض الاحتلال الذي يحاول قتل المشاعر الدينية، فإسرائيل تخاف من قرع أجراس الكنائس المسيحية , التي تعانق تكبيرات آذان المساجد الإسلامية , وهي مستمرة في تفريغ القدس .
ولعل ما تقوم به كل يوم جمعة أسبوعيا لمنع المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى دليل على خوفها كذلك من مراسم عيد الميلاد المجيد , عيد البهجة والنور، ولن يضير من يحب الحياة والمستقبل الاحتفال بالعيد.
أجواء عيد الميلاد المجيد لأهلنا في فلسطين حزينة في القدس و بيت لحم وكل مكان , ونتمنى أن يكون العيد أجمل وأكثر فرحا في السنين القادمة. ولأصدقائي أقول: كل عام وأنتم بخير .