خبر مفرح للمواطنين أعلنت عنه مؤخرا وزيرة النقل وهو موافقة الحكومة على مشروع (الباص السريع) بين عمان والزرقاء والذي انتظره الكثيرون. ولهذا المشروع اهمية خاصة لما فيه من ايجابية لتنظيم عملية النقل بين العاصمة عمان , والزرقاء ثاني مدينة بعدد السكان و أقربها للمركز.
ويبدو أن هذا المشروع المهم الذي هدفه كما ذكرت الوزيرة “ التخفيف على المواطنين وتسهيل نقلهم بكلفة رخيصة “ سيحقق الغرض أيضا باستعمال وسائل نقل آمنة وسريعة دون اختناقات السير المعروفة . وسيتم استعمال حافلتين متلاصقتين . تنقل 4100 راكب في الساعة، وسيبدأ تنفيذ المشروع في النصف الاول من هذا العام من المنحة الخليجية .
وبالعودة للخمسينيات والستينيات من القرن الماضي رغم تواضع آليات النقل التي اقتصرت على الحافلات التقليدية والسيارات الخاصة نجد أن الزرقاء والرصيفة كانتا مكملتين لعمان , كأماكن أهدأ وأرحب وأكثر سهولة للوصول اليها من اليوم للعمل والمعيشة أو قضاء وقت مريح إلا أنها أصبحت أكثر تهميشا بسبب التعقيدات للوصول اليها رغم إنشاء المسارب وتحسين الطرق . ومن يطلع على المخطط الجديد” لمشروع الباص السريع “ كما نشر في الصحافة يفرح أن المشروع قيد التنفيذ، إنه مشروع مهم سيخدم أهل عمان والزرقاء والوافدين اليها .
وسيجعل الطريق أكثر أمنا وقربا في الليل والنهار و سيساعد على اعادة الحياة للزرقاء التي لها ذاكرة جميلة لدى الكثيرين من رجالات الجيش و الطلاب والكتَّاب والصحافيين والموظفين , بالاضافة للباحثين عن المتعة والراحة في أحضان الطبيعة التي كانت جميلة ونظيفة .
ويأتي الإعلان عن مشروع الباص السريع” المرحلة الثانية “ الذي أعلنت عنه أمانة العاصمة حيث سيباشر العمل فيه أوائل الشهر المقبل . وبحسب المشروع ستحل مشاكل السير الكثيرة بعدة أساليب. فالحافلات والتي هي سبب كل المشاكل في تعطيل حركة السير حيث تنافس السيارات والباصات في حلها وترحالها وفي جميع الأوقات وعلى جميع الطرقات والمسارب سيخصص لها في مشروع الباص السريع مسارب على طول مسار صويلح – المحطة- والمدينة الرياضية- ورأس العين , إضافة الى تحسينات مرورية على مسار دوار الجمرك شرق عمان لتكون كل الطرق الى الزرقاء آمنة وسريعة تفي بغرض الذاهب الى مدينة عريقة .
ومن خلال المبالغ المعلن عنها والقروض المعدة لتنفيذ المشروع سيتم التنفيذ في الوقت المرسوم له دون نقص في التمويل إن شاء الله . بالاضافة إلى أنه سيكون اضافة نوعية لتخطيط العاصمة وضواحيها التي تشكو من المشاكل المرورية الكثيرة منها وإليها حتى داخل العاصمة عمان .
وللزرقاء في ذاكرتي وذاكرة جيلي -كما رويت ذلك في كتابي “ بنات عمان أيام زمان : ذاكرة المدرسة والطريق” صورة جميلة خالية من مشاكل السير. حيث كان الذاهب الى الزرقاء يمر خلال الطريق التي أحبها شاعر الأردن مصطفى وهبي التل , حيث كان يقضي أوقاتا سعيدة مع اصدقائه “النور / الغجر “الناس البسطاء الطيبين الذين أعجب بنمط بحياتهم التي فيها مساواة وحرية رغم مجتمعهم المهمَّش، وقد قال فيهم شعرا :
بين الخرابيش لا عبد ولا أمة ولا أرقاء في أزياء أحرار
الكل زط مساواة محققة تلغي الفوارق بين الجار والجار.
كانت الطريق الى الزرقاء من الجهة اليسرى تمر بمحاذاة سيل الزرقاء الذي كان يحيي الطريق , حيث تمر بالرصيفة المعطرة برائحة زهر البرتقال واللوز والخوخ ـ وكان الباص الذي يوصلني من الزرقاء الى عمان يمر بطريق خضراء جميلة , ليصل الى باب المعسكر القريب من المحطة التي سينتهي اليها باص الزرقاء السريع اليوم .
و كانت الرحلة الى الزرقاء ممتعة حيث كان الناس يذهبون اليها أيضا لحضور افلام فاتن حمامة وصباح والمليجي وفريد الأطرش في( سينما سلوى ) التي ما زالت واقفة كالقلعة في شارع الجيش مقابل المعسكر والقريب من نهاية الباص السريع الجديد.
ولعل من يخطط لمثل هذا المشروع المهم لإعادة الحياة من جديد للزرقاء التي فيها ذاكرة “السعادة “ للكثيرين يخطط أيضا، لإعادة الألق لمدخلها القديم، الذي ظلت ذاكرة الدخول والخروج الى الزرقاء تعني مدينة جميلة ونشيطة .
وأظن أنه يمكن ارجاع الصورة القديمة والتذكير بمدينة كبيرة قديمة جديدة , وهذا ما ينجح مشاريع تخطيط المدن التي يجب أن تبقي المدن ومن صنعها حيّة . وكما يبدو من هذا المشروع الذي نرحب به !