ها نحن نعود بعد العيد لنمارس حياتنا المتشابهة والمختلفة في عمان .ولعل مشكلة السير التي كنا نعاني منها قبل العيد تخفف علينا الوطأة.  كنا نشكو في السنين الأخيرة من هذه المعضلة ، وما زلنا  وقد ظلت تزعج الكثيرين . وقد ابتدع الكثيرون أساليبهم الشخصية  لتفاديها إن استطاعوا لها سبيلا ، ومنها عدم الخروج من البيت في ساعات معينة،  مثل ساعات الذروة، وهي عند انتهاء ساعات عمل الدوائر الحكومية أو المؤسسات الخاصة مثل البنوك والشركات .  ووجدت هذه الطريقة حيلة جيدة كثيرا ما استعملتها، وساهمت بالمحافظة على أعصابي من التوتر نوعا ما .


 ارتفعت وطأة  السير بشكل لم يستطع أحد تجنبها قبل العيد بأسبوع، والناس تستعد لشراء الاحتياجات من ملبس ومأكل، أضفى ذلك نوعا من حركة المدينة التي- بلا شك – كان عدد سكانها بالنهار يزداد بسبب الوافدين من القرى والاقضية  للعاصمة .وهذا بحد ذاته خلق أيضا أزمات على الطرق الخارجية ، كما أوجد احتمالات  مخاطر الحوادث .الشكوى من أزمة السير ظلت ملازمة لي، و لم أتمكن من  تفاديها. لم يسلم باب السيارة بضربة قويّة حمدت الله ان لم يكن أحد  يجلس بجانبي، وبقي الباب مقفولا لا يمكن فتحه، وبحاجة لتغيير .


 وأطرف تجاربي مع ازمة السير قبل العيد وما سبب المزيد من أزمة سير، كان في منطقة تلاع العلي ، حيث سرنا نحن  سائقي السيارات الخصوصّة، مع الأسطول الأصفر من سيارات الأجرة” التكسي “ المستعجلين دوما  في  خط من السيارات المتراصة في يوم وقفة العيد . تفهمت أن المشاة معذورون ، فالعيد على الأبواب ، ولا بد من شراء ملابس العيد للأطفال ليسعدوا بها  . لم أفقد أعصابي كما الكثيرين  ، وهم  يرفعون الابواق المزعجة احتجاجا وسخطا على بعض وعلى المشاة . لم أكن في المقدمة لأعرف سبب التعطيل والانتظار ،حتى” شفت  بعيني ومحدش قلّي” . صبية ملفعة بالأسود تجر حمارًا، نعم حمارًا قذرا معفراً ، تقف  بصحبته عند كل سيارة تشحد عليه !. لم تسترزق الصبية  من أحد و لم افقد أعصابي أيضا ، بل وجدت في هذا موضوعا طريفاً أكتبه اليوم . حرفت سيارتي , وفتحت الطريق وقلت لها أن تلحق بي .. فقد تحرك بي  حب الاستطلاع أو الروح الصحفيّة والانسانيّة  ، وأنا أتساءل:  لماذا الحمار ؟ استفسرت منها قبل أن” اعيّدها “ وقالت لي “ أنا اشحد عليه وأبحث عن الخبز الناشف لكي أطعمه . لم أتمالك نفسي  من الضحك ، ويبدو أن ضحكتي اعجبتها فضحكت أيضا ؟ لم تبتعد كثيرا وكان هناك  صبية أخرى رأيتها بالمرآة ، تسلمها الحمار لتأتي  إليّ تطلب العيدية للحمار .!


  وسائل التسوّل التي نعرفها متنوعة، وكثيرا ما حذرنا منها ، فهناك فقيرات او محتالات يشحدن على أطفال قد لا يكونون أطفالهن ولكنهن شريكات مع أخريات للشحدة على الطفل مقابل جزءا من الغلّة  في الحر الشديد والبرد القارص لاستدرار العطف . ابتكار جديد تعرفت عليه في هذا العيد  وهو الشحدة على الحمار ؟ لم أصادف من قبل من “ يشحد على حمار”. فشعوري نحو الحمار الذي لم يستدر عطفي كما تستدره التي تشحد على الطفل الانسان ، وأنا لا التقي مع ناشطات الرفق بالحيوان .. لم يستطع الحمار المسكين  اقناعي أنه بحاجة للعيدية من أجل “الخبز الناشف .” ومع ذلك فقد عيّدت الحمار مرتين ، لأن الأولى التي سببت أزمة سير كبيرة اعتقدت أنها اقنعتني ، ولذلك أرسلت أختها لتعزيز عيدية الحمار . نعم ، وأنا أحزن على الفقراء ، وأخل بتعهدي على نفسي ان لا أشجع ذلك، فقد  عيّدت الحمار في هذا العيد  لأنه كان سبب سعادتي في هذا العيد . وكل عام وانتم بخير . !!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment