في خضم متابعة ما يجري من  الأخبار السياسية العربية والعالمية المتزاحمة  وبخاصة حروبنا الصغيرة والكبيرة في كل مكان من العالم العربي وحلفائه المتغيرين بشكل مستمر في لعبة السياسة غير المضمونة، فقد  قررت  ليلة أمس الهروب الى إحدى المحطات اللبنانية، التي يتنافس مقدموها على إضحاك المستمع بنكت عن “أبو صطيف “ وبأسلوب خاص .. ولكن النكت التي أضحكتني، لم تفش غلّيلي، فقررت مشاهدة إحدى المحطات التي يظهر فيها الجمال اللبناني والشياكة التي تعوّدنا عليها، بحيث أصبحت هذه المحطات المرجع للموضة سواء في اللباس أو” اللوك “ والتي تأخذك أيضا الى عواصم  العالم، للتاكد أن بيروت كانت عنوان المرأة العربية، لا بل الرجل بالاناقة والجمال . وقد تأثرت كثير من نساء العالم العربي بتقليد جميلات لبنان، ولا أقول- نجوم لبنان – بنفخ الشفايف  أو بتقليد موضة الفساتين الجذّابة  التي تبرز مفاتن الجسم . مع الأسف  لم أوفق بالهروب للبعيد، فعدت الى محطة جادة  تعكس  لبنان السياسة والاقتصادية  والبيئة والصراع على المراكز أو الصراع الطائفي الذي تمنع لحد الآن، من مسيرة دولة عريقة بقيادة رئيس دولة ثابت، يكلف رئيس حكومة لتسيير البلد الى بر الآمان .


ومع الأسف، فهروبي  من السياسة أخذني الى مشكلة النفايات المكوّمة في الشوارع . الزبالة في لبنان، التي” مرّغ “ الجمال برائحة العفن والمرض، لا بل القباحة التي حوّلت بلد الجمال الى مكب للنفايات . وقد استمعت من نقاش  المسؤولين هناك وهم يدلون بدلوهم حول هذه المشكلة التاريخية التي ستبقى نقطة ذات رائحة كريهة . كانت المبررات من أراء متعددة، غير مقنعة لي أنا البعيدة، فكيف باللبنانيين الذين يغطون انوفهم وهم يقطعون الشوارع التي تعمي العين والقلب.


إن هذه المشكلة الفريدة من نوعها كما فهمت من المنظرين حول أسباب هذه القاذورات، بلا شك غير مسؤولة وبخاصة أن كل المعنيين يحاولون رميّ المسؤولية على الطرف الأخر . وكما نعرف أن الشركاء في إدارة الدولة وبشكل خاص إدارة الازمات هم شركاء في القبح والجمال أيضا لأية مشكلة . وفي هذا المقام فهم شركاء بتحويل لبنان وبيروت بالذات الى مكان بشع رائحته تزكم الانوف . وكان يمكن أن يكونوا شركاء في إدامة لبنان بلد الجمال ورائحة “البيرفيوم “بجميع ماركاتها تفوح لتشجع” الزهقان” من السياسة خطف رجله لبيروت التي كنا نهرب اليها للراحة والاستجمام، بالإضافة للتزود بكل ما هوجديد من الموضة والعلم والنور والثقافة والفنون .


 حزنت وأنا أرى صورا لنفايات، وأسمع الخطط التي يقترحها البعض لحرقها في الشوارع أي وكأن بيروت ستتحول الى مكب كبير للنفايات . يبدو أن مشكلة الزبالة في بيروت، هي نتيجة لعبة سياسية أيضا كما هي الحال السياسية. حزنت وأنا أرى بيروت  تواجه مشكلة جديدة إضافة الى المشاكل السياسية التي تحيق بها وبالمنطقة والتي رائحتها أيضا كريهة. سئمنا القبح ونحن بحاجة فعلا لمن يجمّل لنا المستقبل، ولعلنا نسمع أخبارا جديدة عن كيفية حل  مشكلة “ الزبالة “، التي أصبحت المشكلة الأولى التي بتُّ اتتبع أخبارها ؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment