لا أحب أن أكتب في المناسبات السنوية أو في الاحتفالات التي تقام للتذكير او التحفيز في المناسبة بشكل دائم . ورغم ذلك، أجد نفسي أقوم بذلك من مدة لأخرى. واليوم . أجد نفسي أنتقي موضوعا قديما جديدا تناولته من قبل، وهو عمالة الاطفال، والعالم يحتفل به في” اليوم العالمي للقضاء على عمل الاطفال “. أقوم بالكتابة عن موضوع مهم أو مهمش، تناولته كما تناوله الاخرون في هذه المناسبة الهامة ويحتاج لالقاء الضوء عليه لأهميته . فالاردن يهتم بهذا الموضوع ويثيره بشكل سنويّ، وربما خجلا من عدم الالتزام بأيام المناسبات العالمية، كيوم مكافحة الامية، ويوم المرأة، ويوم مكافحة التدخين، ويوم السرطان أو الامراض الاخرى، ويوم ذوي الاحتياجات الخاصة … وغيرها . وكما نرى فالصحافة المحلية عادة تبحث عن مثل هذه الموضوعات التي تهم شرائح عدة من المجتمع . ولا شك أن هذا أيضا له علاقة بالاتفاقيات العالمية والدولية، كون الاردن عضوا في الكثير منها وبخاصة المتعلقة بحقوق الانسان مثل: تنمية الطفولة والأسرة والفقر والتعليم، والتدريب، والشباب وغيرها من العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية . وقد اهتم الاردن بهذاالموضوع وكان من أوائل الدول التي أصدرت تشريعات خاصة بعمل الاطفال تضمنتها نصوص قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 ووضعت أنظمة وتعليمات وقرارات تتعلق بالموضوع . ولعل ذلك يأتي من استفحال المشكلة التي تشير إلى خلل ما ليصبح ظاهرة، تهدد مستقبل الاطفال .
والطفل العامل ظاهرة متفشية في محلات تصليح السيارات مثلا، وهو عمل من المفروض أن يقوم به الرجال . فالطفل صغير الحجم، كما لاحظت الذي ينزلق على مزلاج الى تحت السيارة في الكراج، مرغوب أكثر من كبير الحسم . وقد أثار فضولي” الفرجة “على احدهم يقوم بذلك وكأنه يلعب، وكان سعيدا . وبالطبع فهو سعيد أيضا لأنه يتقاضى مبلغا من المال، وإن كان قليلا يشعره بأنه مستقل ماديا، لأنه يساعد العائلة ويشعر بالمسؤولية . مثل هذا العمل يسهم في تقزيم جسمه وخطر المواد على صحته .
كثير من الأعمال تسرق منهم طفولتهم البريئة وتنتهك حقهم باللعب والتعليم والنمو الجسدي . ولعل أسباب عمل الأطفال هو الفقر والتسرب من المدرسة . فالفقر يقهر كرامة الانسان ويحرمه حقه الانساني . فمشاهدة طفل يعبث في حاويات الزبالة، للبحث عن شيء يبيعه مقابل القليل من النقود، أو بقايا طعام يأكله أحد الامثلة . ولعل عمالة الاطفال الهامشية هذه وغيرها تجعله يفقد التطلع للمستقبل، ويفقده الحلم بالتخرج في المدرسة والدراسات العليا التي تجعل منه مواطنا وانسانا نافعا لنفسه أولا وللمجتمع ثانيا .
عمالة الأطفال موضوع يجب أن يؤخذ بجدية أكبر، ولا يسمى “ الاحتفال “ بل، يجب تسليط الضوء عليه بالفعل وذلك بالتفتيش على أماكن عمل الأطفال، ومعالجتها، ولعل اهمها تسرب الاطفال من المدرسة ليقوموا بالاعمال مهما كان نوعها. ويجب انذار الأهالي والمدارس ومعالجة الفقر، من أجل تقليل عددهم . فتشغيل الاطفال أصبح اليوم ظاهرة، أي أكثر من مشكلة وهي خطيرة لتنوعها وخطورتها . و من” محاسن الاحتفالات” السنوية بالمشاكل هو الإنذار كما اراه وليس الاحتفال ..!