الدعوة لمقاطعة إسرائيل تبدو ناجحة بكل المقاييس وأصبح لها أثر فعّال في الخارج ، لتوعية الرأي العام في أوروبا وأمريكا . فقد نجحت بعض المؤسسات في مبادراتها ونشاطاتها مثل مؤسسة الBDS التي أصبح لها انصار في المؤسسات الاقتصادية والسياسية و الثقافية والاكاديمية العالمية . ما يشير الى اهميتها ونجاحها، هو رد فعل إسرائيل على ما يجري ومتابعته ، من أجل تفكيكه أو احباطه . وبخاصة أن النشطاء الشباب مثل أحد مؤسسيها عمر البرغوتي ، لا يتوقف مع بقية الاعضاء من تفسير ذلك للاسرائيليين أنفسهم ، أن هدف المقاطعة ليس استهداف اليهود انفسهم ، وإنما الاستيطان الاستعماري ، كما كان الاستعمار العنصري “ الابارتايد “ في جنوب إفريقا والذي نجح كأحد وسائل مقاومة العنصرية وأصبح مثلا يحتذى به .
فمنذ تعيين وزيرة الدفاع العنصرية الجديدة إليت شاكيد ، فهي لا تتوقف من البحث عن الوسائل لايقاف النشطاء ودعوتهم للمقاطعة . ولعل عقد الجلسة الطارئة للكنيسيت لمناقشة الموضوع تدل على مدى خوف الأحزاب الاسرائيلية العنصرية وبخاصة أن نشاط ال( بي دي إس ) لا يدعو للمقاطعة الاقتصادية فحسب ، بل في جميع المجالات الأخرى ، سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو رياضية . والحملة والدعوة للمقاطعة ليست جديدة . فقد سن الكنيسيت عام 2011 “قانون المقاطعة “ ، ضد كل من يقاطع إسرائيل مما دعا مؤسسات حقوق الانسان الاعتراض عليه . ومع ذلك فقد صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على هذا القانون في نيسان 2015 ، واعتبرت المقاطعة “ طابعا عنصريا أو كالعادة ضد السامية . ولعل هذا ما يؤكد نجاح حملات المقاطعة التي تهدد كيان إسرائيل وكما تراها الاحزاب الاسرائيلية والافراد العنصريون .
ما يغضب إسرائيل ، أن الرسالة اخيرا وصلت لأوروبا والعالم بصوت عال ، وعن قناعة لمن يطبقون المقاطعة . وكان اتحاد الطلاب البريطاني الوطني قد قام مؤخرا بالانضمام الى مؤسسة المقاطعة النشطة “ بي دي إس “ . ويجيئ خوف اسرائيل من الدعوة للمقاطعة من استعمال النشطاء الوسائل التكنولوجية الحديثة عابرة القارات مثل التواصل الاجتماعي ، بالاضافة لتثقيف يهود اوروبا الذين لديهم عقدة الذنب من” المحرقة النازية “ . وبالمقابل ، فاسرائيل كانت دوما نشطة باستعمال وسائل الاعلام التقليدية والحديثة في التأثير على الرأي العام ومسح الدماغ وتشويه صورة العرب والفلسطينيين ، من أجل خلق الكراهية ، وقد نجحت منذ تأسيس الدولة بتزوير الصور والروايات عن جرائمها المستمرة ضد الفلسطينيين .
تعود اسرائيل كما يبدو اليوم لتكثف نشاطها الاعلامي والصحفي ، ولعل الحملة المزمع القيام بها من قبل صحيفة يدعوت أحرنوت ضد المقاطعة ما يشير لذلك . فالجريدة واسعة الانتشار ، ستقوم بنشر المقالات والمواضيع الخاصة ضد نشطاء المقاطعة . و هذا يعني أنها ستحاول الوصول الى انصار مقاطعة إسرائيل ثقافيا في بريطانيا وكندا وايرلندا وجنوب إفريقيا ، حيث هناك أنصار ملتزمون أخلاقيا وقّعوا على العرائض علنا وبشجاعة لمقاطعة اسرائيل .
تعود إسرائيل بشكل علني لاستعمال الاعلام كأولوية للهجوم المضاد على نشطاء حملة المقاطعة . ولا بد أيضا أن نشطاء المقاطعة ، بدأوا يستعدون لهذه الحرب الاسرائيلية الشرسة المتوقع أن تكون حامية الوطيس ، تلازمها أساليب غير انسانية في محولات لافشال هذا النشاط الوطني ، أحد الوسائل الفعاّلة لانهاء الاحتلال ، هدف المقاطعة . لقد نجح النشطاء ولا أظن أنهم سيتوقفون عن هذا العمل الوطني ، الذي يجب دعمه بكل الوسائل الممكنة . مع التحية لهم .