رفع العلم الفلسطيني على مقار الأمم المتحدة وفي عقر دار أمريكا في نيويورك ، جاء بقرار أغلبية 119 صوتا من بين 193 عضوا أعضاء المنظمة الدولية . وبالطبع معارضة الذين نعرفهم ودون تسمية وعلى رأسهم إسرائيل ، وامتناع من يخاف من أمريكا واسرائيل . هذا الفعل لا يأتي من مجموعة من الناس ، تتظاهر خارج المبنى أو في ساحات فلسطين أو عواصم العالم من المناصرين للفلسطينيين أم من طلاب الجامعات .فالأمم المتحدة أذعنت لمواصلة الجهود من أجل أن تصبح فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني 2012 هو رمز يمثل” ارض وشعب “ . فالعلم يظل حيّا والشهداء تهوي من أجل الوطن الذي يمثله وليبقى رمزا قويا يحمل الأمل ، كما هو علم فلسطين ، الذي ظل حيّا تحت الاستعمار والاحتلال . الذي يواصل سرقة أرض هذا العلم ويقتل ناس هذا العلم . رفع العلم ليس “ لعب عيال “، فهو يحكي عن المستقبل وعن الماضي والحاضر ويلخص القضية الفلسطينية . قطعة قماش ملو نة “ بالاحمر والاخضر والابيض والاسود “، تحمل الوان التاريخ العربي الذي تحاول اسرائيل محوه .
كانت إسرائيل قد اخترعت لنفسها علما من الأزرق والأبيض بخيوطه التي تحمل “ أحلامها “ وهو الوصول في سرقتها الأرض من “الماء للماء . “ ، وها هي ترفعه في كل مكان لتعلن أنها تقول “ نحن هنا “ ودون خجل . تسرق الارض وترفع العلم على أنقاض الدور المهدمة على رأس أصحابها . ولعل صورة ممثل إسرائيل في الامم المتحدة وهو يغادر القاعة ، تشير لتكدير صفو نفسه الاستعمارية التي ترى في الافعال والالوان والاقوال ما لا يراه الانسان الفلسطيني تحت احتلال وحشيّ صامد للان وتحت غضب شعب يريد السلام ، وليس الكذب كما تدعي إسرائيل دوما ، ومن خلال مفاوضات كاذبة منذ اكثر من ربع قرن .
لقد أصبحت أوروبا بأكثرية دولها تعرف اليوم أن العلم الفلسطيني يعني كما يعني علم بلادهم لهم . ولعل ما جاء في قرار البرلمان الاوروبي مؤخرا عن رفض تحكم اسرائيل وتزوير حقوق الشعب الفلسطيني بمنتجاته أرضه ، وذلك عندما قررت وضع ملصقات تدل على منتجات المستوطنات الاسرائيلية . مثل هذا الفعل من الاتحاد الاوروبي بأصواته الديمقراطية أيضا ، قال كلمته ، ولو بشكل رمزيّ أن للفلسطينيين الحق بأن يرفع العلم الذي يمثل الفلسطينيين أرضا وشعبا حرا بشكل دائم وفي دولة تعترف بها دول الأمم المتحدة بشكل دائم ولها جميع الحقوق والواجبات .رمزية رفع العلم الفلسطيني ، وإن كان لمدة محددة ، وهي اثناء زيارة الرئيس عباس لحضور اجتماعات الجمعية لمدة “عشرين يوما “ تعني الكثير وتذكر الدول العربية كيف أهان الطامع أعلامنا التي رفعت بعد تضحيات الشعوب لقلع المستعمر . فلعل العالم ينظر للعلم ويتعرف علية أكثر وهو يرفرف الى جانب اعلام الدول الاخرى الخائفة من الاعلام المحيطة بها . لقد حاولت اسرائيل العبث بحب الفلسطيني لعلم بلاده ، وهم يطبقون سياسة التعليم الصهيونية للعرب في الارض المحتلة . ففي عام 2013 وضعوا في منهاجهم التعليمية في دروس التاريخ تمجيد الطلاب لمؤسسي الدولة ، بن عوريون وغيره ، إلا ان الاساتذة العرب ارغموا وزارة التعليم عن التراجع . وظل صدى صوت طلاب فلسطين التاريخية يسمع في كل مكان اليوم وهم يصوبون العلم في وجه الاحتلال ، كعلاج فعّال يسترجعون صوت الاجداد ، ينشدون :
ايها الخفاق يا رمز الجهاد / يا نسيج الشعب من كل فؤاد
أنت يا علم / مشعل الامم / سر بنا الى موطن الشمم
رفع العلم هو خطوة رمزية وإن كانت ناقصة ، نرجو أن يظل العمل الجاد مستمرا مع العالم لكي يصلح أخطاءه بالنسبة للفلسطينيين ، وقبل أن ينسى العالم حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة الحرة في هذا الزمن الرديء الذي تتزايد فيه الجرائم والمطامع لتقبيح العلم في أنحاء البلدان العربية وتغيير ما يحمله من رموز جميلة مثل الشعب والارض . !