بدأت  دور الأزياء العالمية  موسم  العروض عن خطوط الموضة من موديلات وألوان للموسم الشتوي الحالي . ولوحظ التنافس في عواصم العالم المعروفة بالريادة في هذا المجال : باريس ولندن وروما واسبانيا ، بالاضافة لنيويورك . ولعل هذا الاهتمام  بهذا المجال يأتي  كجزء من النشاط الاقتصادي  الذي يدر الأموال والجاه والشهرة على الشركات المتنافسة أو المصممين  الذين يحاولون التميز. وفي هذا السياق لم يتأخر المصمم  بارون مينكوفسكي  الاسرائيلي من عرض مجموعته لهذا الخريف  في تل أبيب . أما المفاجأة فهو استعمال الكوفية الفلسطينية المشهورة عا لميا المرقطة بالابيض والاسود ، وتبين الصور المنشورة في الصحافة كجزء من مجموعة المصمم الذي سبقه لذلك مصمم يهودي أخرعام 2013 . يقوم المصمم بسرقة تراث شعب يلبس الكوفية التي تحمل تاريخ شعب شيع شهداءه عام 1936 وهم ملفعين بهذه “الحطة “المضرجة  بالدماء وهم يواجهون الاستعمار الانجلو صهيوني . إلا أن المصمم الفنان ، يبدو أنه قد غض النظر عن أهمية الكوفية الفلسطينية  ورمزيتها الوطنية ، وتأثر بجمالها المميّز الذي أصبح يزين العالم ، من أجل كسب المال مدعيا أنه يقوم “ بخطوة نحو التعايش “ وليت هذا صحيحا ليلبس الفلسطينيون الكوفية وهم يسحجون ويدبكون  في مدنهم وقراهم    كما كانوا يفعلون قبل الاحتلال .


وهنا لا بد من التوقف عند مينكوفسكي ، وأقول لا أظن أن نواياه تجنح نحو هذه الغاية ، ولم نسمع أنه من    المناصرين  لمن يلبس الكوفية ويتلفع بها خوفا من الارهاب الاسرائيلي الذي يلاحقه لأنه يدافع عن شجر الزيتون التي تقلعه إسرائيل ، أو  يرفع الصوت مثل بعض المؤرخين اليهود الذين لا يؤيدون مطاردة النساء الملفعات بالكوفية  مثل الرجال ، وهن مرابطات في الأقصى لحمايته  من جور الإحتلال الذي يريده يهوديا  ولهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه . يأت موسم الجمال في العالم ، وأسرائيل تقتل الرجال والنساء الذين يتلفعون بالكوفية ويرددون وراء    (عساف )  عن رمزية  وجمال الكوفية “ علّي الكوفية  .. “ لقد لعبت الكوفية الفلسطينية دورا وطنيا في ثوراتة  التاريخية وليومنا هذا ، وليته يطلق الموسيقى الشعبية وعارضات الازياء يعرضن وهي تقول “ عريسنا زينة الشباب .. زينة الشباب عريسنا “ أو تلولحي يا دالية .. يام غصون العالية .. “ فهل سيجرؤ على ذلك  والعنصرية اليهودية متفشية في اسرائيل ؟


سرقة الكوفية الفلسطينية في هذا الوقت بالذات ، وهي رمز رفض الاحتلال ليس جديدا . فلم تكتف يونا وأستر المضيفات في شركة العا ل الإسرائيلية من لباس الثوب الفلسطيني التراثي المطرز بأنامل النساء الفلسطينيات  المغمسة  بألوان وأنفاس الجدات الكنعانيات اللواتي ابتكرنه  قبل 700 سنة ، بل لبسته أيضا زوجة دايان في مناسبات رسمية لنفس السبب . 

تمايلت الإسرائيليات بالثوب الذي يحمل”  ألوان  الجنة والنار “ والربيع الملون بقوس  قزح    بالاضافة  للأزرق  الذي زورته زوجة دايان” ،  محاولة  نسج رواية كاذبة حول الثوب الفلسطيني كي تتلاءم مع لون علم الدولة التي أقيمت أيضا على أرض مسروقة .  وثبت للان أن هذا التزوير لم ينجح لأنه موثق في  عروق حجارة لفتا وقرى فلسطين الحاضرة والغائبة.


لقد كان الثوب الفلسطيني كما الطبيعة التي ترسم علية مصدر الهام للمبدعين من فنانين وكتاب . فالثوب المطرز بعروق الورد والحمام يسرح بين الأخضر والأحمر ، ظل يذكر الجيل الجديد من الأولاد والأحفاد ،أن هذا الثوب التي يخص المرأة ، هو مثل الكوفية التي يلبسها الرجال ويدفنون بها  وهي تحمل الهوية ورائحة الأرض. بنات فلسطين يتمسكن كل يوم أكثر من سابقه  بلبس الثوب والكوفية معنا ، ليس على الموضة ، فقط بل  للمحافظة على التراث والهوية لمواجهة  الدعاية الصهيونية  التي  تدعي أنها تراث يهودي ، كما ادعت أيضا أن بعض المأكولات مثل الحمص والفلافل ، من تراثهم .


 ياتي عرض الأزياء هذه  الايام متزامنا مع اشهار  كتابي الجديد 🙁 لفتا يا أصيلة : خريفيّة قرية ) الذي  يوثق تراث قرية مهدمة مهجرة  بفعل التطهير العرقي 1948  الذي حاق بها بفعل الاحتلال ولكنها رغم ذلك  ظلت  تشهد على  ذاكرة حياة  القرى والبلدات الفلسطينية من  لباس وطعام ونضال ضد المستعمر ،  وظل التاريخ  يشهد أن الكوفية عربية فلسطينية كما أثواب جداتي صفية وصديقة ( الشقفة، والجنة والنار ، وأبو قطبة) المسروقة وهي من تصميمهن وليس من تصميم مينوفسكي ، أو موشيه هاريل .. !

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment