عشت عدة ساعات  مع مديرة مدرسة الرائد العربي سناء القاسم , وأحمد محمود المعطي مقدم برامج” اسبوع نصرة  القدس “ وفريق المعلمين والمعلمات الذي اقامته الأسبوع الفائت  باحتفالات فرح وأمل  استرجعت فيها التاريخ والجغرافيا والحياة اليومية للقدس الشريف . شارك الكبير والصغير  مع القدس وتراث الاجداد وهم ينشدون ، ويقرأون ، ويمثلون على المسرح ، وترقص الصبايا والشباب الرقصات الشعبية باللباس التراثي المطرز بأنامل الجدات مستوحيات ألوان الجمال من تاريخ الجدات الكنعانيات قبل الاف السنين . شاركت فرقة المدرسة بالاضافة لفرقة كلية الاميرة سمية بوصلات موسيقية فنية ، انعشت الذاكرة والخيال .  وألقى متخصصون بالقوانين والحقوق الانسانية والشرعة الدولية بحق الفلسطيني بالقدس الشريف . وكانت مشاركتي بتقديم كتابي الجديد ( لفتا يا أصيلة : خريفية قرية ) حيث عّرفت الطلاب بقرية لفتا المقدسية إحدى قرى فلسطين ، المهجرة والمهدمة.    فقد ظلت القرية الفارغة من أهلها تشهد على التطهير العرقي الذي حل بالقرى والبلدات الفلسطينية في عام النكبة 1948 .


القدس لم تغب  يوما عن بال الكبار والصغار ، و إن كان المحتل يلاحقها لا ليتغزل بجمالها التارخي واصالتها التراثية والانسانية ، بل لكي يطارد أهلها المتمسكين برائحة التاريخ ، التي تحتضن قلب فلسطين، وتتدثر بقدسية المكان الذي تعانقه السماء . يا  قدس يا مدينة السلام .. ياقدس …يظل الصوت الأعلى لفيروز وهي ترفعه  للسماء .. ولكن لا تسمعه اسرائيل وهي تستمر في احتلالها المشين للتاريخ … ويرتفع صوتها وهي تحمل المزهرية ..وتغني .. مريت بالشوارع . شوارع القدس العتيقة … حكينا سوى الخبرية..واعطوني مزهرية ..  ويرتفع صوت تميم البرغوتي الشاب الجميل .. وهو يردد القصيد للشباب عن جمال القدس .. في القدس رائحة تركز بابل والهند في دكان عطار بخان الزيت … .. في القدس ترى الحمام يطير …..هذا  وأكثر عاشه طلاب الدرسة وهم يتفاعلون مع القدس في اسبوعها الحيّ .  ..


برنامج شارك الجميع باسترجاع القدس تاريخيا وسياسيا وما يجري لها تحت الاحتلال اللئيم من محاولة تهويد المدينة وافراغها من سكانها العرب المسلمين والمسيحيين , غير عابئة بالحقوق الوطنية و الشرعية لهم . ولعل مثل هذه الفعاليات العملية الايجابية التي تسلط الضوء على فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص ، ما نحتاج لها بشكل متواصل وفي جميع المدارس , كجزء من البرامج والنشاطات الوطنية لخلق وتعزيز الوعي للجيل الجديد . فالعالم وما يجري حولنا اصبح مسرحا كبيرا للصراعات الدموية التي همشت القضية الفلسطينية , وجعلت اسرائيل تستفرد برواية التاريخ وتزويره كما يحلو لها . ولم تكتف اسرائيل بذلك بل ماضية بتغيير معالم المدينة المقدسة وتهجير أهلها من أجل تهويدها  .


 قدمت  لهذا الجيل الجميل الذي تأسره وسائل التكنولوجيا الحديثة ، قدمت حياة قرية  لفتا قبل النكبة . كانت تسير في طريق المستقبل ، وتعتز بالتراث وبناء الدور الحجرية الجميلة , وزراعة الأرض بالزيتون والقمح والاستمتاع بالبرية الغنية بالخير والجمال , وبحياة اجتماعية متكاملة ليس فقط داخل حدودها بل ، متكاملة مع القدس التي لا تبعد عنها أكثر من 2 كم .

لفتا التي كانت تشكل للقدس بوابتين إحداها في الشمال الغربي الذي يربطها بالساحل الفلسطيني الواسع والمفتوح على العالم , وبوابة اخرى للشمال الذي يأخذها لشمال فلسطين ، نابلس وطولكرم وقراها . ولعل موقع لفتا المميز والاستراتيجي ما جعلها أيضا تتكامل مع القرى المقدسية بالتفاعل مع القدس . فقد كان طلاب لفتا والقرى  يتعلمون في مدارس القدس العريقة ،  وتبيع نساؤها النشيطات خيرات الأرض من الخضار والفواكه في باب العامود وهن يلبسن الأثواب المطرزة بالكرمة والزيتون وطيور الريف الفلسطيني الجميل .


إسرائيل سرقت التراث الفلسطيني  كما جاء في كتاب ( لفتا يا أصيلة ) وبشكل خاص الاثواب التراثية لأهل لفتا والقرى الفلسطينية المتشابهة بالجمال والاصالة لتزور التاريخ وتقدمه للعالم ، بأنه من تراثها ، وفد ألبست مضيفات شركة طيرانها العال الثوب الفلسطيني ، كما نساء زعمائهم الاستعماريين . بالاضافة لسرقة التراث المتعلق بالاطعمة مثل الحمص والفلافل . ولم تخجل وهي تطلب مؤخرا من اليونسكو من وضع قرية لفتا على قائمة التراث الاسرائيلي العالمي . معلومات اصبحت معروفة لنا نحن الكبار , وهذا ما يجب ان نستمر بتوصيله للصغار ، لكي نكشف زيف  اقوالهم الاستعمارية التي تقول : “ الكبار سيموتون والصغار سينسون .. “ انه أحد الدروس التي يجب ان نشدد عليها . اسرائيل في مناهجها المدرسية تدرس طلابها التاريخ والجغرافيا والتراث كما يحلو لها كما تخلق الحقد والكراهية .

شكرا وتحية  لمدرسة الرائد العربي التي تعزز الثقافة الوطنية والحب والحنين لكل ما هو جميل في فلسطين من خلال برامج تعليمية هادفة .

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment