عمان – سميرة عوض – تقول الكاتبة د.عايدة النجار أن «المكان الذي أتكلم عنه في كتبي هو القدس بشكل خاص وفلسطين بشكل عام». جاء ذلك في محاضرة قدمتها في إطار النشاط الثقافي الشهري لمنتدى بيت المقدس قدمها فيها د. بشير الخضرا، الذي أستعرض السيرة الإبداعية للكاتبة.

وتناولت النجار «المكان والإنسان في كتابيها (القدس والبنت الشلبية) الصادر عام 2011، عن دار السلوى للدراسات والنشر و(عزوز يغني للحب: قصص فلسطينية من ألف قصة وقصة)، 2013.
وتلفت النجار أن «القدس التي كتبت عنها ليست المكان المليء بالآثار والمساجد والكنائس فحسب، بل المكان الذي كان يعج بالحياة التي يصنعها الناس في مرحلة زمنية من التاريخ الفلسطيني الحديث، 1920-1948). في ذلك الوقت الذي كانت فلسطين والقدس تحت الانتداب البريطاني الذي هيأ للصهيونية التسلل لسرقة الأرض وإقامة إسرائيل التي طردت أهل الأرض العرب الأصليين. وقد شهد المكان الفلسطيني من مدن وقرى حركة وحياة رفض الفلسطينيين لوعد بلفور والتحيز البريطاني للصهيونية ونضالهم ضدها. وتركت الثورات التي قام بها أهل فلسطين في سجلات تاريخ القدس نضال شعب من أجل الحفاظ على وطن أحبوه واستشهد الكثيرون من أجله. ولا يزال الفلسطينيون يعملون لاسترجاعه أو استرجاع المكان «الفردوس المفقود» كما وصفه غسان كنفاني في كتاباته… «.

تستعيد النجار جماليات المكان الذي سكننها منذ الطفولة قائلة: «جمال المكان وأهميته بدأ في الوجدان كصورة جميلة منذ طفولة مبكرة، لم تدم طويلا بسبب الهجرة القسرية للفلسطينيين من أماكنهم من دور وحارات وأزقة ومدارس وأماكن اللعب واللهو. وظلت ذاكرة (حرش شنلر) في (لفتا) من أكناف القدس عالقة في ذاكرة طفلة شقية تتسلق شجرة الصنوبر العالية وتسقط مرارا، لمشاهدة عش العصافير بعد انتهاء الأم من إطعام صغارها الطرية بالمنقار، وتشهد على ذلك آثار الندبات المحفورة على ركبتي، وكأنها تذكار يذكرني بالوطن ولم تمح صورة البيت أو المكان الدافئ الذي قضيت فيه بضع سنين من طفولة جميلة لعبت مع صديقات الحارة (بيت وبيوت) تحت الوردة الحمراء. ولعل عنوان كتابي القدس.. يؤكد عمق العلاقة بين المكان والإنسان. فالصور الفوتوغرافية للمدينة والناس الذين تذكروا معي القدس توثق دور الفلسطينيين العرب الذين صنعوها من جميع الطبقات الاجتماعية وليس الغريب أو السارق الصهيوني الذي يدعى أن فلسطين «ما كانت إلا مكانا مليئا بالمستنقعات إلى أن أتى الصهاينة وعمروها».

وأشارت النجار أن «القدس العتيقة ذات التاريخ الموغل في القدم كمكان كانت تبدو صبية متجددة النشاط كل يوم والناس يصنعون الحياة في أمكنتها الكثيرة من أسواق ومحلات تجارية ومخابز، وحمامات ومدارس وبيوت مسورة بالأشجار والأزهار».

وتبين النجار أن القدس –كما هي في ذاكرتها- كانت تصبح عاصمة كبيرة ومزدحمة في النهار، حيث يأتيها الناس من جميع أنحاء فلسطين للعمل أو الدراسة أو التسوق. وقد سجلت القدس أسماء الشخصيات الوطنية من رجال ونساء درسوا في مدارسها وساهموا في صنع المدينة والتاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي.

 وتذهب النجار للقول «أن للأرض الطيبة التي زرعها الفلسطينيون بأشجار البرتقال والليمون واللوز والزيتون وأكلوا ثمرها وزيتها وغنوا لها ورقصوا تحتها مكانة في القلب والوجدان لكل إنسان. فالريف الفلسطيني حول القدس وفي أنحاء فلسطين يكمل الصورة الجميلة للمكان والإنسان النشط الذي يوفر القمح والطحين وأزهار الحب والحياة التي تتكامل مع المدينة اقتصاديا ومعيشيا. ولأن الاعتزاز بالتراث الشعبي يعزز الهوية ويقوي الروح الوطنية فالناس اليوم يرقصون ويغنون على أنغام الموسيقى الشعبية التراثية التي صنعها الأجداد. ولعل إبداع نساء القرى حول القدس اللاتي طرزن الثوب بألوان قوس قزح،تضيف للهوية بعدا حيا تحاول إسرائيل سرقته أو طمسه كما تعيد للناس ذاكرة عادات وتقاليد أهل القرى والمدن لتبقى للأجيال القادمة لكي لا ننسى تراث الأجداد ولدحض مقولة الصهيونية: «الكبار سيموتون والصغار سينسون « وسنظل نقول: نحن نكتب الحقيقة عن حياة الأجداد.. ولا يجب أن ننسى».

 ونوهت. النجار عن كتابها الذي صدر حديثا (عزوز يغني للحب: قصص فلسطينية من ألف قصة وقصة) أنها قامت بتوثيق المكان والإنسان الفلسطيني تحت الاحتلال بأسلوب القصة القصيرة.
يذكر أن عايدة النجار تحمل درجةد.اة في الفلسفة من جامعة سيراكيوز في نيويورك وعملت في وزارة الخارجية في عمان وباريس وصدر لها عدة كتب منها : (صحافة فلسطين والحركة الوطنية في نصف قرن)، وكتاب (بنات عمان أيام زمان)، و(القدس والبنت الشلبية).

ولها العديد من الأبحاث والدراسات المنشورة في المجلات وهي عضو في عدة منتديات منها رابطة الكتاب الأردنيين ومنتدى الفكر العربي ومنتدى بيت المقدس.

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment