كان لا بد من الرحيل الى مكان “جديد عليّ “ من أجل التخلص من الضيق النفسي والتعب الجسدي الذي يداهم الانسان من مدة لأخرى . ولعل ما نعيشه في عالمنا العربي من مآسي هنا وهناك من قتل وموت ومواصلة الاحتلال الصهيوني والممارسات الإسرائيلية ضد أهلنا في الضفة والقطاع وداخل الخط الأخضر , ما يزيد من ضرورة البحث عن انقاذ النفس من” الإكتئاب “ الذي يصيب أكثر الناس هذه الأيام . بعد انقطاع عن السفر من مدة ليست بالقليلة, لم أختر سويسرا ولا باريس ولا أمريكا ولا بلاد التشيك المشهورة مثل  بيشتني  بمنتجعاتها  للاستراحة وتجديد حياة الجسم  والقلب , بل وعن سبق اصرار اخترت دبيّ التي أعرفها ولا أعرفها , إذ كانت زيارتي لها ولأبو ظبي قبل خمسة عشر عاما أثناء عملي في برنامج  الأمم المتحدة للتنمية  ، وقبل  أن أرى العجائب فيها اليوم  , كانت رحلتي الشخصية هذه بدعوة من ابن شقيقتي عمّار كنعان الذي بعمل في دبيّ  وبصحبة د. ريما النجار ابنة أخي .

دبيّ اليوم  غير دبيّ الصغيرة  التي عرفتها  من قبل . كانت تسير بتؤدة  لتصبح  الجميلة بهندامها المطرز بالعجائب  أحلى أماكن السياحة والمتعة . فيها اليوم  العجائب المعمارية ،” والمولات” الكبيرة الفخمة  التي تستضيف كل الماركات والشركات العالمية ، والأسواق الشعبية ، والبحر الذي يوسع الأرض ، لتصبح” النخلة “بيوتا رائعة الجمال والطراز المعماري  المتنوع  .فناطحات السحاب التي رأيتها في رحلاتي لمدن العالم ومنها نيويورك ليست بهذه الغرابة والإبداع المعماري المميز . تشهد على ذلك إحدى ناطحات السحاب من تصميم المهندسة المعمارية التي رحلت قبل أيام زها الحديد العراقية المولد البريطانية الجنسية.  لم أعرف أين أصوّب عيني على ناطحات السحاب متعددة الاشكال المبهرة ، وكأني أرى ناطحات سحاب لأول مرة . ولم  يكتمل الانبهار الا عندما  وقفت لأطل على دبي من إحدى الناطحات التي تنطح الغمام، كما فعلت من شقة اسماعيل النجار ابن عمي الذي يسكن في الطابق التاسع والثلاثين في المارينا  لأرى العالم وأنواره وماءه  .وفي محيط برج  العرب الافخم  رأيت  الات الحفر الحديثة التي ترفع الاسمنت والحديد والزجاج وغيره مما لا نعرفه في صناعة البناء لتصبح ناطحات سحاب عجيبة .  ومن هذا المعلم الفخم الجميل البرج   رأيت الجوار وهو يولد  لأشهد مع السياح الكثر المشدوهين بما يرون وهم يتسابقون ويتشاركون بالتقاط الصور . وقد خدمتني كاميرا هاتفي النقال بأخذ أجمل الصور  وبثها مباشرة على الفيس بوك ليعرف أصدقائي أنني اقوم بسياحة مميزة أسعدتني ، ولعل كاميرا ريما التي  صورت 444 صورة تدل على مدى الإعجاب  مما رأينا من معالم مدينة مدهشة بكل المقاييس وظل متحف دبيّ يوثق ماضي الحياة الاجتماعية البسيط . وكيف لا أذكر امتداد الجديد ، جامع الشيخ زايد في أبو ظبي  رابع أكبر الجوامع في العالم الذي استقبلتنا قبابه الرخامية البيضاء ونحن ندخل  المدينة  من بعيد  بكرم الجمال وفرادتة. ولعل الصور التي التقطتها للسجادة المزخرفة بالزهور الجميلة المصنوعة في ايران تنافس جمال زهور حديقة دبيّ العجيبة باهرة الجمال .  

ما يلفت النظر اللون الأخضر الذي يحيط  بالأماكن السكنية  في بعض الأحياء وتصميمها الذي يتلاءم مع البيئة  التي كانت صحراوية “.  ولعل الأزهار متعددة الألوان التي تزين الشوارع  هي  ما أوحت لي أنني في ربيع  أخضر منذ  أن تركت المطار الى قلب  دبي. كانت ذروة الدهشة والانفعال والسعادة لانسانة تعشق الازهار الطبيعية عندما زرت حديقة  الزهور العجيبة – التي أفتتحت عام 2015 -. لم أر في حياتي ولا جولاتي لحدائق عواصم العالم مثلها ، إنها الأكبر والأجمل والاغنى بأزهارها التي يبلغ عددها 45 مليون زهرة  ،تتنافس بجمال ألوانها الستين . ما جعلني أقف وأعبر عن سعادتي بصوت عال هي رسم القلوب المغطاة بالورود -والتي وضعتها على صفحتي بالفيسبوك- وتلك  الاقواس المتتالية من الورد الجوري الأحمر ، والورد الابيض ، ولكن ما أخذني الى الطفولة المبكرة وكأنني العب بيت وبيوت تلك البيوت الصغيرة المتناثرة مغطاة بالزهور وكأنها خيالية وليست حقيقية .. حديقة زهور دبي العجيبة جعلتني أتساءل : هل نحن في الجنة ؟ هكذا بدت لي . تأثير هذه الحديقة عليّ كان ولا يزال غريبا ، فقد رأيت فيها الخيال والحقيقة لأن ما فيها أكثر بكثير مما أكتب . ولعل مثل هذه المشاعر الجميلة التي نفتقدها في عالمنا المتسارع والمادي  ما جعلني اقدر هذا الجمال الطبيعي المصنوع بيد الانسان ليسعد الإنسان  . مقالتي هذه ليست عن معالم دبي السياحية الفريدة  التي لا يتسع المكان لذكرها لغزارتها . دبيّ نجحت  في استقطاب العالم في سياحة من نوع محبب  بل عن هدية دبيّ الزهور التي سكنت في قلبي لأجدد حبي للحياة بألوان الربيع الذي يخلق الأمل والتفاؤل . شكرا لدبيّ الجميلة التي أسعدتني واعادت لي الحلم بالسعادة” وهداوة البال”  …!!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment