في خضم الأحداث الكثيرة  والمزرية التي يعيشها الفلسطينيون ، بل العالم ، فقد خرجت معلمة اسمها حنان الحروب من مخيّم الدهيشة لتدهش العالم ، والسؤال لماذا ؟ الجواب كما يبدو واضحا لي بسبب المكان وهو فلسطين، والزمان الذي يعيش فيه الفلسطينيون منذ النكبة تحت استعمار واحتلال لئيم . بكل ثفة وقفت هذه السيدة الجميلة بثوبها الفلاحي الاصيل تحمل هوية بلدها لتقول للعالم ، ها نحن نعيش .. ها نحن .. نعلم اولادنا الحياة .. ها نحن نعلم الامل والبقاء والعودة .. فالدهشة التي سببتها بنت الدهيشة بهذا الصمود النفسي والوجه الذي ينم على حب الحياة ، ليس لنفسها بل لأطفالها، وأطفال فلسطين وهي تعلمهم ما قاله درويش “ على الأرض ما يستحق الحياة “ . بالاضافة لاقبالهم المتعاظم على التعليم وفي جميع مراحله ، من الطفولة للشيخوخة .

 يأتي بروز المعلمة المتميّزة كأفضل معلمة في العالم في الوقت الذي يلاقي التعليم في العالم  الثالت أو النامي ، والعالم العربي ، وأيضا في العالم “ المتحضر “ تغييرات سريعة  في أساليب التدريس بالاضافة للمناهج وتعليم  المدرسين .  بالاضافة للتغيرات في  ادوات التكنولوجيا الحديثة التي لها ما لها من سلبيات وايجابيات على المدرسة والإ نسان . تمكنت المعلمة وقبل أن تصبح  “سوبر معلمة “ على مستوى العالم من وضع” مفهوم للتعليم “ استمدته من المكان والواقع  والزمان الذي يؤثر ويتأثر بها . لقد حولت صدمة أطفالها وهي تعود بهم من المدرسة الى البيت الى نظرية تعليم أخذت بعين  الاعتبار عندما سميت (أفضل معلمة في العالم ) . فقصتها التي روتها للعالم ، تشير أن أطفالها أصيبوا بصدمة عاطفية كما صدمتها هي نفسها .  اعترتها نفسية مرعوبة وقلقة وخوف  وعدم ثقة بالأوان ، والتي تصيب أي إنسان في مثل هذه الأحوال في أمكنة الحروب في العالم ، فكيف بحالها وحال الفلسطينيين تحت الاحتلال .

 المعلمة الذكية ابنة مخيّم الدهيشة ، لم تقف مكتوفة الأيدي ، فقد  ساعد ت أطفالها المصابين  بالصدمة والهلع من جراء طلقات الرصاص عليهم .تمكنت بابداعها وايجابيتها أن تعيدهم  لحالتهم النفسية المستقرة ولو مبدئيا . لم تغلق الباب عليها وعليهم ، بل فتحت الباب ودعت أولاد الجيران والحارة ليلعبوا مع أولادها  وكأنني أسمعهم  يغنون مع بعض أغاني الطفولة المبكرة والأهازيج التي  غنتها لهم  الأم وهم في حضنها  الدافئ .  وكأنها عادت لتغني لهم الاهازيج الشعبية والتي إحداها يقول : طيري طيري يا حمامة /روحي على بر السلامة  .  أو ياللا نام .. ياللا نام / لأذبحلك طير الحمام / روح يل حمام لا تصدق / باضحك ع حسن لينام . حولت الكابوس الى سكينة . ولم تنس انها فلسطينية تعيش مع الشعب الفلسطيني الذي أطفاله يكبرون بسرعة يقاومون الاحتلال ، وقد تمكنت من إنقاذهم من الخوف وهم يلعبون ويتعلمون ويغنون أيضا ، بالاضافة وهي تلبس الثوب الفلسطيني التقليدي الذي يطرز الهوية ، وهي تتسلم الجائزة لتقول أنا فلسطينية .. أنا فلسطينية ..قالتها بروح عالمية تحب الحياة وتحب الآمان في وطن حر  من أجل تعليم اطفالها ليواجهوا المستقبل بقوة .  

 إن اعتراف المؤسسات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة بالتعليم والثقافة ورؤساء الدول جميعها المتعالية أو المتواضعة ، يجعلهم يفكرون  ويتساءلون ، بل من المهم  الإجابة على  أهمية انهاء الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي ، الذي يقتل الأمهات والأطفال المتشوقون للحياة . ولعلهم يتنبهون الى المناهج الاسرائيلية العنصرية التي تدرسها لأطفالها في مدارسهم و تعليمهم الكراهية . لقد لفتت حنان المعلمة الايجابية المبدعة الى موضوع التعليم والاحتلال والعنصرية . كما لفتت لتطلعها للأمل والحياة وهي تفرح وتفرح العالم أن هناك أمل .!

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment