بوقاحة المستعمر اللئيم لم تترد إسرائيل من إسكات قناة “ فلسطين اليوم “ وشركة “ ترانس ميديا “ في رام الله ، واعتقال ثلاثة من الاعلاميين يعملون فيها منهم مدير مكتبها  في عملية ليست جديدة عليها، وهي مواصلة سياستها  من تكميم أفواه الاعلاميين الفلسطينيين . ولا يأت هذا العمل من فراغ ، فهي تقوم به منذ وجودها خوفا من كشف جرائمها الكثيرة  التي قامت بها وما زالت مستمرة منذ بداية سياستها في التطهير العرقي عام 1948 على أيدي العصابات الصهيونية، ولعل مذبحة  قرية دير يسن التي أصبحت مثالا لمجازر المحتل الاسرائيلي تظل تزعج إسرائيل اليوم ، لأنها تكرر جرائم قتل الأطفال والنساء بدم بارد حتى اليوم . فقد سجلت الذاكرة الفلسطينية  وكذلك الوثائق من شهادات شفوية ، وصور وكتب وصحف على المستوى المحلي والعالمي التي أصبحت  تفضح إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة .

 أما لماذا مثل هذه الاعمال من اسكات الاصوات والاعلام  ؟ فالجواب ، لأن الاعلام يعكس وبسرعة  الإجراءات القمعية الاستفزازية التي تلفت الرأي العام العالمي  وتفضح”  الدولة “ التي تسمي نفسها “ديمقراطية “  وليس ارهابية كما هي الحقيقة . . فقد استطاعت الصحافة ووسائل الاعلام الفلسطينية المهنية التقليدية والجديدة من إيصال “ صوت فلسطين والفلسطينيين ونشر جرائم إسرائيل على نطاق دوليّ عالميّ واسع.

  تاريخيا ، لعبت الصحافة الفلسطينية دورا وطنيا حسب المحتل والمستعمر حسابه ، كما لعب الصحفيون دورا وطنيا كان يخيفهم . ومن يراجع الصحف القديمة منذ نشأة الصحافة ليتأكد منها حيث  أصبحت وثائق هامة للباحثين والكتاب والصحافيين  ، وهي متوفرة في المكتبات في الجامعات العربية والعالمية كما المؤسسات البحثية والثقافية  ومنها مكتبة الكونجرس . تسجل الصحافة الفلسطينية الثورات التي لعب الصحافيون فيها دورا بارزا كونهم من المواطنين الذين يرفضون سياسة الانتداب في الاعوام : 1920 ثورة القدس ، وثورة يافا 1921 ، وهبة البراق 1929 ، وثورة القسّام 1935 التي سميت “ بثورة الفلاحيين “الذين رفضوا سرقة الأراضي وتسربها للصهاينة بمساعدة القوانين التي وضعها الانتداب . بالاضافة  لعبت الصحافة الفلسطينية دورا كبيرا في الثورة الفلسطينية العظيمة 1936- 1939 وأثناءها ذاق الصحفيون انواعا من التعسف جراء قيامهم بعملهم الصحفي الشريف مثل زجهم بالسجون  وسحب الرخص . وقد عانوا من قانون المطبوعات  1933 سئ السمعة وبخاصة المادة 19 منه االذ ي ينص على “ إنذار الصحف وتعطيلها “. وكانت الصحف قد اقلقت سلطات الانتداب والصهيونية بنشر حقيقة ما يجري في فلسطين وتسمي ذلك “ إثارة الشغب “ و كانت ترى في المقالات ونشر الحقائق” المقالات النارية “. وقد أسمت الصحافيين ب “ الأشخاص الملقحين بفيروس الشغب “. مثال واحد أذكره: عندما قتل الجنرال اندروز في تاريخ 25 سبتمبر 1937 ، أثناء الثورة  ، رأت الصحافة الفلسطينية حدثا اهتمت به ، إلا أن الحكومة قطعت الاتصالات مع العالم الخارجي وجعلت فلسطين تعيش أربع ساعات  في ظلام وعزلة . فقد قطعت جميع المراسلات التلغرافية ، وذلك لمنع وصول أخبار الاغتيال لزوجة أندروز في لندن  قبل أن تخبرها السلطات رسميا مما يدل على استهتارها بمشاعر الفلسطينيين ومعاناته ، بينما احترام لمشاعر الجلادين . هذه الصورة كما هي الصور الكثيرة  للاحتلال والمعاناة الفلسطينية اليوم .  لن يضير وسائل الاعلام الشريفة إغلاقها بالشمع الأحمر أو الأسود  ما دام الصحافيون يؤمنون برسالتهم ودورهم الهام في الصمود واظهار الممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين اليوم وايصالها للرأي العام العالمي ، فما زالت المعركة مستمرة  حتى يزول الاحتلال .

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment