قبضت اسرائيل قبل أشهر على بنت جميلة اسمها ديما الواوي من الخليل ، تدل ملامح وجهها الحنطي على تأثير البيئة الصلبة المتصالحة مع نفسها في الخليل ،مما جعل تقاسيم الوجه أن تكون بهذا الجمال الدفين والظاهر . كانت  تلبس مريول المدرسة  وتحمل حقيبتها على ظهرها وكتبها وقلمها الذي ترسم به قلبا يحب الوطن . طريقها للبيت قريب من مستوطنة (كرم تسور) المقامة على أرض الخليل . أسرت بنت الأربعة عشر ربيعا لأن الجلاد  ضبط سكينا في حقيبتها .. ويا ويلاه فالسكين للإسرائيلي الخائف من الصغير والكبير تعني  محاولة طعن بالسكين الذي اصبحت رمزا لانتفاضة كامنة، عاقبتها إسرائيل  وهي” تقرأ الغيب والنوايا “ “ وحكمت عليها بالسجن  اربع سنين ونصف السنة، لأجل تهمة الصقت بها عن سبق اصرار .

 أفرجت إسرائيل قبل أيام عن ديما أصغر سجينة فلسطينية من بين الـ 450 طفلا وطفلة قاصرين دون السادسة عشرة الذين لا يزالون يقبعون خلف قضبان الجلاد .شاهدت الهرج والمرج وسعادة الأهل والأصدقاء ومؤسسات المجتمع المدني من مكان خروجها لاستقبال البطلة الصغيرة  إلا  أنني ذهلت لأنها لم تبتسم أو تدمع  عينها بالفرح أو تنزل من عينها دمعة حزن ، حقها وحق نفسها على نفسها أن تعبر عن الخوف والسعادة .هذه اللمحة التي لا تعبير فيها  لوجهها الجميل  حاولت إسرائيل القبض على روحها الكبيرة داخل السجن أو خارجه من أجل تحقيق هدفها بقتل الاطفال أو روحهم البريئة    . فاسرائيل عادة لا تلتزم بقوانين حقوق الانسان ، ولعل عدد القاصرين في سجونها والمعاملة السيئة التي يتلقونها في السجن وآثارها النفسية عليهم تشهد على ذلك في محاولة لمنعهم من التفاعل والتعبير عن الحب والكره، كما هي العواطف الانسانية . إسرائيل بأسلوبها غير الانساني لا تقتل الروح كما هو هدفها فهي بذلك تدفع  الضحية ليظل صلبا طريقه التحدي رغم الصعاب . .

 عندما شاهدت ديما الواوي وهي تخرج من السجن وقد خطفت إسرائيل البسمة عن وجهها ، عاد شهر نيسان للذاكرة ،ومن لا يتذكر يوم الجمعة بتاريخ 9نيسان 1948 كما سجله التاريخ، عندما وقعت مذبحة دير يسين المعروفة بوحشية العصابات الصهيونية ، في قتل 245 امرأة انسانا مسالما منهم 60 امرأة وطفلا بينهم 35 امرأة حاملا . سقط الشهداء بيد العصابات وكان جل أفراد العصابة سواء الرجال منهم أو النساء، من الاحداث، وبعضهم في سن المراهقة . وكما روى أحد من شاهد المجزرة أن: “  هؤلاء المراهقين كانوا مدججين بالسلاح يحملون المسدسات والرشاشات والقنابل اليدوية والسكاكين الطويلة “. وكان معظم السكاكين ملطخا بالدماء .نعم وظفوا أطفالهم لقتل الاطفال واليوم ينتقمون ممن تحمل سكينا في حقيبتها .!من الاجرام أن تظل إسرائيل فوق القانون تعذب الاطفال والنساء ، منذ سرقت الأرض وقتلت الناس بدم بارد .  وتسليحهم بالسكاكين والمسدسات لكي تسرق أرضهم الفلسطينية الشرعية .

 حزنت وأنا أشاهد زهرة جميلة هي  ديما الواوي تفقد البسمة وهي في ربيع العمر في شهر الربيع شهر نيسان ، المطل على أيار المسمى بشهر النكبة  . إلا أنني وكأنني سمعتها تغني بصمت  للأزهار والفراشات الربيعية التي تزين الأراضي حول الخليل و تحيط بها من كل جانب كبقية الأرض الطيبة الفلسطينية في الربيع. وكأنني سمعتها تقول : أرضنا تحمل في باطنها أكثر من خمسمائة بذرة للأزهار الجميلة بما فيها زهرات الخرفيش الشوكية “ .و ربما كانت أيضا تؤلف قطعة الإنشاء التي عادة ما تقترحها معلمة اللغة العربية على الطالبات من أجل التعبير الحر عن الجمال ومعنى الربيع  والحياة التي ستعيد لها البسمة . ديما الواوي محبتي لك أيتها الجميلة  فقد سجلت للنساء الفلسطينيات  فخرا جديدا، فلتعيشي. !

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment