اسبوع جبل عمان الذي يقام سنويا من نشاطات وفعاليات ثقافية وفنية بالاضافة للتفاعل الاجتماعي أهم العوامل التي تجعل الكثيرين من أهل عمان لزيارة المكان المخصص في أحد الشوارع الفرعية التراثية السكنية ’ الذي اطلق عليها(جارا ) . وكان عدد من الناشطين من سكان الجبل  أو من ظل الجبل في ذاكرتهم قد بادروا  بالمبادرة ، إلا أن الحقيقة أيضا تبقى أن هناك من بادر بالتأكيد على الانسان والمكان وإعادته الى الذاكرة . كتب منيف كتابه المعروف عن عمان في الأربعينيات ، وأخذنا معه  مع حكايات جدته العراقية وبلهجتها المحببة للولد الذي عاش في عمان ’( وكانت سيرة مدينة ) . بالاضافة فقد ظهرت بعده عدة كتب  سردية وروائية وشعرية تتغزل بعمان ومفاتنها  وجبالها . وتزاحم من أخذوا يكتبون عن عمان باصالة أو بعجالة سواء كتب أو مقالات وريبورتاجات صحقية .

كان كتابي بنات عمان أيام زمان : ذاكرة المدرسة والطريق ) الصادر 2005 عن دار السلوى أبرز الكتب عن عمان ، وما زال كما يبدو  كذلك كما جاء في تقييم لأكثر الكتب مبيعا عام 2013 مما جعلني أعمل الان على إصدار  الطبعة الرابعة التي ستصدر قريبا .  ومن الملفت أن الكتب الجديدة ’ حرص واضعوها  على وضع “عمان “ و” بنات  “ و”وزمان “بأسلوب يذكر بكتاب( بنات عمان أيام زمان ) دون الاشارة اليه فيما عدا كتاب الصديق (فؤاد البخارى ) رحمه الله الذ يتوفي  مع الأسف قبل إشهار كتابه الجميل بالاضافة الى الكاتب وليد سليمان الذي يذكر الكتاب كلما كتب عن الجديد والقديم في عمان ، ، ولا أنسى ذلك العدد الكبير من الصحافيين مشكورين ،الذين تناولوا الكتاب بشكل مكثقف لعدة سنوات .

عندما أزور(  جارأ )أشعر أنني عدت لجبل عمان الذي عرفه  الجميع , حيث كان بداية عمان الجديدة  التي تزينت بالبيوت الحجرية الجميلة وبالبساتين المزهرة ، والاشجار التي أخذت تنمو بسرعة لتظل ذاكرة الأخضر الجديد زاهية . ميزة الجبل الأهم في عمان كانت أيضا لأنه حمل على ظهره المدارس الاولى التي خرجت شخصيات عريقة ساهمت في بناء العاصمة :  حضانة الجريديني للاطفال ، والتي درس فيها الملك حسين رحمه الله  مدرسة أروى بنت الحارث في شارع خرفان المطل على المهاجرين والشاهد على طلوع الشمس على جبل القلعة .  وكانت هذه المدرسة البيت  مدرستي  الابتدائية  -وكانت بيت خليل شقير مع عائلته الممتدة –  قبل استئجارها لتكون مدرسة للبنات  في أواخر الأربعينيات . وفي جبل عمان بنيت في الخمسينيات 1952  مدرسة زين الشرف الثانوية العريقة بجانب مبنى البرلمان الاول ’ والقريبة أيضا من الكلية العلمية ( أولاد ) , كما علي مدرسة المطران المعروفة . وكان يسكن في جبل عمان رجال دولة  ورؤساء للحكومة  بلاضافة الى بيت الامير طلال قرب مدرسة cms ، كما احتضن الجبل مستشفى ملحس المعلم الذي ظل في ذاكرة اهل عمان . وعن جبل عمان الكثير الذي وثقته في الكتاب بطوله وعرضه مع توثيقه بالصور والتوثيق الشفهي . كبرت عمان الجميلة  منذ كنا طالبات في زين الشرف بعدما كانت حدودها في الاذهان قبل الاربعينيات لم تصل بعد لدواويرها المشهورة .  

نعم لهذا العمل الثقافي بامتياز ،وشكرا للقائمين عليه وتحية لمؤسسة شومان العريقة التي تزين جبل عمان القديم  اليوم . إلا أنني وقد عدت لتسكنني عمان المكان  وقد تغيرت بدأ ببيتي بين الدوار الثاني والثالث  أوجه السؤال الى الصديق أمين العاصمة  وفريقه ، اليس من حق من ساهم ببناء المكان أن يظل شاهدا وحارسا على الارث الثقافي ، كتسمية الشوارع  والحدائق والمدارس بأسمائهم ؟ عندما أقرأ بنات عمان ، استرجع مرحلة تاريخية من عمان الانسان أيضا . ولعل توثيق عمان القديمة التي كانت جديدة بجدية وواقعية تحتاج أيضا لاهتمام من يهمه الأمر لتعريف اهل المدن والقرى الاردنية من خلال المدارس  والجامعات بهذه العمان الذي  نتكلم عنها، وأتساءل كم من المدن والقرى قرأت عن عمان ما كتب عنها ؟. عمان الخمسينيات لها خصوصية ، ففي الخمسينيات اجريت أول انتخابات برلمانية  ديمقراطية  وشكلت أول وزارة ائتلافية وطنية من جميع الاحزاب ، ووضع قانون التعليم الإجباري ، وعبر الشعب على الفرحة عندما  طهرالملك الحسين الجيش الأردني باقصاء الجنرال جلوب . بالإضافة فقد ظهرت تغيرات في النسيج الاجتماعي ، واختفت الملاية وغطاء الوجه للمرأة الذي كان سائدا قبل ذلك ، ليتغير موقع ودور المرأة في المجتمع الجديد .

لعمان التي كنت جزءا منها أهديت كتابي ، لأنه ذاكرة ليست فردية ، بل جمعية فهي ذاكرة جيل كان شابا ، تشكلت شخصيته بفضل عوامل اجتماعية وثقافية ، اقتصادية وسياسية لها خصوصية عاشها من أجل مدينة  وناس نحبهم .

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment