المال كما هو معروف كان ولا يزال العامل الأهم في صناعة الإعلام وبخاصة الاعلا م الجديد الذي يتنافس مع نفسه وغيره . وفي وقتنا هذا بعد ثورة وسائل الاعلام منذ السبعينيات من القرن الماضي التي أثرت وتؤثر في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فقد تنامى دورها كما تأثيرها على الأفراد والجماعات . ولا غرابة في سيطرة الصهيونية العالمية على الاعلام وصناعته في العالم، ولعل كبرى وسائل الاعلام والصحافة العالمية من إذاعة وتلفزيون وجرائد ورقية كانت وما زال الكثير منها تحت سلطة الصهيونية وإسرائيل التي تتعامل مع تلك التي يسيطر عليها “ يهود العالم اليميني “ مثل امبراطورية مردوخ، كما فوكس في أمريكا .
ليست هذه المعلومات بالجديدة للمهتم بوسائل الاعلام والاتصال ودارسها والباحث في تطورها أو محاولة التنبؤ بما ستؤول اليه في المستقبل . إنما الجديد هو” الجديد “ في أدواتها التكنولوجية التي تتوالد بشكل مخيف يسهم في التأثير في نمط الحياة ومنها المنحى الاستهلاكي . لقد تطورت أدوات الاعلام بفضل تطور التكنولوجيا الحديثة من الإنترنت، والموبايل وأنواعه من نقل الكلمة والصورة، والاتي أعظم لتصبح أكثرها” رقمية “ أو “إلكترونية “ ، كليا أو جزئيا .
الأدوات المستجدة جعلت الصحف الورقية العالمية العريقة تحرك وتؤثر على العالم ليس فقط ببث الخبر والصورة، بل بالركض والتسارع في كيفية جني المال من وراء هذا التطور المذهل، سلبا وايجابا . ولعل جريدة” نيويورك تايمز “ واسعة الشهرة والاتساع نموذجا لهذه الثورة الجديدة المتفرعة من ثورة الاعلام المرتبطة بالثورة الصناعية المستمرة. هذه الجريدة العريقة التي ولدت عام 1853، أصبحت تعرف “بالسيدة الرمادية “التي استقطبت القراء في داخل أمريكا وخارجها في العالم تعتبر مثلا لإحدى أكبر الصحف تأثيرا في العالم وإرثا مهنيا للصحافة الأمريكية . عن هذه الجريدة تصدر 20 جريدة يوميا تقدم للقارئ والرأي العام الاخبار، بالاضافة الى الافتتاحيات ، والآراء ، والأعمدة ، وأقسام خاصة بالعلوم والرياضة والأسرة والمنزل . ولعل سرعتها في اللحاق بسرعة تحرك التكنولوجيا ما يجعلها تقفز الى تطبيق استعمال وسائل الإعلام لتجيب على أحد أهدافها “ كيفية جني المزيد من المال والشهرة .؟ يعمل في هذه الجريدة أو المؤسسة 1150 صحفيا، توزع 865 ألف و318 نسخة يوميا وقد زاد عدد المشتركين هذا العام على مليون اشتراكا على شبكة الانترنت أي بزيادة 2% عن عام 2015 ، كما بلغت القيمة المالية بارباح تبلغ 63، 2 مليون دولار .
السؤال الذي يجب أن يسأله من يتابع توسع أو انحسار الصحف “ العريقة “ في العالم عن سبب مواصلة بعضها بتعظيم نفسها مثل النيويورك تايمز ، والبحث عن عن قراء سواء قراء ورق أو قراء شاشة الكترونية ؟ السبب كما يبدو هو نوعية القراء أو” المتلقي “ قبل وبعد التحول الرقمي . الجريدة التي نضرب بها المثل ، خططت هذا العام أن تستثمر 50 مليون دولار لجذب “القراء الدوليين “بشكل خاص، وذلك لجذب الإيرادات الخارجية . ووضعت على رأس أهدافها أن: “النمو الدولي سيكون الاولوية التحريرية والتجارية للمجموعة “ ولعل قدرتها المستمرة على جذب عشرات ملايين القراء الدوليين، مع المحافظة على استمرار المحتوى الالكتروني والاهتمام بالقراء الامريكيين .
الصحافة الالكترونية ومعركة الصحافة الالكترونية التي انتقلت اليها “النيويورك تايمز” أصبحت إحدى ظواهر التغيير وتعتبر إحدى الجرائد التي تعتمد عليها” الدولة” التي ليس لها وزارة إعلام في استقاء وتوزيع الاخبار لأنها تعتبرها موثوقة مهنيا . الجريدة أو المؤسسة أخذت تهتم بكيفية تنشيط رأسمالها بشكل مستدام وليس موسميا . لقد عملت هذه الجريدة لتكون سلطة على الرأي العام العالمي وتشكيله والتأثير السريع عليه لأنها مصدر للاخبار سواء أكانت سلبية أو ايجابية أو متحيزة، وكما يحلو لها . اليوم تنتبه هذه المؤسسة القوية بأنها بحاجة “ لقراء الخارج “ وتعمل على توظيف 50 مليون دولار لاستقطابهم ليس فقط من أجل الأخبار، بل من أجل أهداف تجارية وجلب “الاعلانات“. وترى أن اصدارها في العالم باللغات المختلفة هو أحد الوسائل للوصول للمتلقي بلغته وما يهمه من أخبار محلية أو دولية والمشاركة في صنعها ونشرها عالميا . ها هي إحدى “الأذرع الاعلامية العالمية “ تدق أبواب الدول والجماعات في العالم – من عل- من السماء المفتوحة بالإلكترونيات، فلنظل نحن الدارسين نتابع وصول الجديد من التكنولوجيا “البريئة والخبيثة “التي لا زلنا نلهث وراءها في عالم كثير القوضى بسبب الطامعين في أموالنا وعقولنا … وكل التحية لصحافتنا التي تحاول البقاء في أصعب الحالات الاقتصادية والسياسية… !