عندما يقول أدباء يستعملون عقلهم ومشاعرهم الانسانية مهما كانت جنسيتهم أو دينهم أن : “ الاحتلال قبيح ، لا حاجة اليه ومفسد ، ويمكن إضافة قائمة طويلة من الوصف … “ هذا يعني أنه لا يزال هناك مشاعر انسانية بين البشر الذي فقد الكثيرون انسانيتهم . نعم فقد الكثيرون معنى المشاعر الإنسانية والاعتراف بحق الغير في أرضه ووطنه وحياة سعيدة كما هي حال الفلسطينيين الذين سرقت إسرائيل وطنهم التاريخي وتراثهم الأصيل .
القول المذكور لزوجين أمريكيين يهود من الأدباء الذين زاروا إسرائيل ،شايبون وإييلت فيدلمان كتب عنهما في مقالة في هآرتس الاسرائيلية مؤخرا عنوانها : “ أيها الأمريكي .. انصرف “ . رغم أنهما من المثقفين فلم يكونوا على وعيّ بشعور الفلسطينيين تحت الاحتلال والحقائق التي تزوّرها إسرائيل عن عنهم أو ،تفاصيل حياتهم المعذبة اليومية التي شاهدوها بأم أعينهم . فقد اطلع الزائران على المعاناة التي يواجهها العرب الذين يعيشون تحت سلطة وعنف المستوطنين في الخليل وغزة والحدود مع مصر بالاضافة للمعابر المنتشرة في الضفة الغربية ، مما حرك مشاعرهم ، ولعل عنوان المقالة جاءت لتفند الأسباب لهذا الجهل أو التجاهل لمعنى الاحتلال.
إن التحيز المقصود من يهود أمريكا وجمعياتهم التي نركز عليها دوما هي ما حجب الحقائق عن الأمريكيين ، لا بل المشاعر عما يجري للفلسطينيين تحت الاحتلال الاسرائيلي المترعرع منذ 1948 . ف “تدليع “ إسرائيل وتكبير رأسها وتقديم المساعدات لها وخاصة العسكرية واعتبارها الولاية 52 منذ وجودها ، ما شجع إسرائيل المحتلة لانكار حقيقتها أنها محتلة ، وهي الحقيقة التي لا تراها أمريكا أو إسرائيل .وقد دأب الكثيرون من الصحافيين والاعلاميين من التحيّز بالكلمة والصورة ، من أجل تجميل الاحتلال وتقبيح صورة أهل الارض الاصليين . المدافعون عن الاحتلال بطريقة أو أخرى لا يسمونه احتلالا ، يدعون أن اسرائيل بخططها العدوانية وحصارها المستمر لغزة ، وبسلطة حكامها الذين يزدادون قباحة وتعصبا وتفننا في قتل الفلسطينيين ، تقوم بالدفاع عن نفسها . مضت عقود متلاحفة وإسرائيل تخدع العالم الغربي وتبتزه من أجل المساعدات ولعل المؤسسات اليهودية الكثيرة في أمريكا التي تساعد بالمال والاعلام وباستغلال الامريكيين وبخاصة وقت الانتخابات الرئاسية التي تعتبر سوقا للمزايدات من أجل منح الاصوات لمن يساند اسرائيل أو بالاحرى دعم اسرائيل المحتلة على حساب الفلسطينيين ضحية السياسة الاستعمارية المستمرة بتأييد إسرائيل .
موقف كاتبة أمريكية لها مشاعر وضمير ، ما جعل وأييلت أن تقرر إصدار كتاب عما شاهدت في فلسطين المحتلة ومعاناة الفلسطينيين . ستكتب عن الحقائق لأولادها والعالم ولعلها بذلك تضيف وثيقة جديدة لكتب موضوعية لمن شاهد وقرأ إسرائيل تمارس الكراهية والعنف ضد الفلسطينيين مثل ايلان بابيه الذي وثق عملية التطهير العرقي للفلسطينين في عام النكبة التي اقتلعت العصابات الصهيونية الفلسطينيين من بيوتهم ليصبحوا لاجئين لم ينسوا أن فلسطين لهم ويعملون على العودة لها .
كتاب وأكاديميون في أوروبا وأمريكا وفي دول العالم الحر الذي يعرفون ما تقوم به إسرائيل من ممارسات الاحتلال ، تزداد كل يوم . المؤسسات التي تعترف بحقوق الانسان والشرعية الدولية ، تزداد كل يوم ، لتقول وتفعل من أجل مساندة القضية الفلسطينية التي لن تستطيع إسرائيل وحكوماتها الدكتاتورية من مواصلة الاحتلال الذي له معنى واحدا قبيحا . ننتظر أن نقرأ معنى الاحتلال وقبحه في كتاب تعده الكاتبة فيدلمان التي زارت فلسطين تحت الاحتلال . لعله يثقف من يساند إسرائيل ويشعرهم بالخجل والتراجع عن مساندة الجلاد ضد الضحية . !