وقّع أبو نشأت- كما يُحب  أن يسمى –  كتابه  مؤخرا  في عمان ، (حصاد الزمن الصعب ) . و مثل هذه المناسبة أصبحت  مألوفة  بين الكتاب والأدباء ، لتقديم كتبهم  والقاء الضوء على المحتويات  من متخصصين ، بالاضافة للقاء الكاتب نفسه ، وأصدقائه المثقفين ، ومحبي القراءة الجادة  في جو ثقافي جميل . هذا ما حدث في هذا الجمع الغفير ، الذي بدى سعيدا بهذا الحدث المميز ، والكاتب المميّز أيضا . وكان اللقاء حميميا بين صديق الجميع.و في نهاية الحفل أقبل الحضور بحماس لشراء الكتاب ، الذي رصد ريعه بالكامل لمؤسسة الحسين  السرطان ، في الأردن . ولعل هذا ما يشير الى خصال الكاتب ، أبو نشأت ومواصلة أعماله الانساتية التي يقوم بها بصمت .

قرأت للان بعض محتويات الكتاب  ، وتركت الجزء الأكبر لفرصة العيد الطويلة ، التي بلا شك ستدخل للنفوس بعض الملل لطولها  . وأنا على يقين كباحثة وقارئة ، أنني ، ساستغل وقتي  في مطالعتي  لبقية الكتاب  . فالقراة المتأنية تخرج الكثير من باطن الكلمة المكتوبة  بالرمز أو الصراحة والعواطف لانسان مثل الكاتب  .  وـ تأتي  أهمية الكتاب لأنه لم  يكتب بشكل  متسرع  بل في أوقات لكل كلمة فيه وعي وفكر مدروس  وفي  فترة زمنية  واسعة  وهامة في حياتنا  سريعة التغير . طاهر المصري  الذي لم يحمل – صفة الكاتب  التقليدي أو الحديث –   كان وما زال عمله ، هو صنع الحدث ومادة الكتاب   في حقبات  عدة  . فبحكم عمله ومواقفه السياسية والديبلوماسية والوطنية , والمشاعر الانسانية التي  تتمثل في كثير من دروب حياته  ما يؤكد أن له فلسفة  خاصة أيضا ينتهجها فكرا وعملا ، وبأخلاق عالية ، إذ  وكما  نعرف أيضا في عالم السياسة والصراع على المراكز ، تتلوث االاخلاق ، لتسيء للغير ، ولك الاكثر لمن يفعلها ، علنا أو خفية .

هناك شجاعة ووضوح في كثير من محتويات الكتاب ، التي توجه بشكل صريح وعام ، وعلى المستوى العربي والعالمي .  ففي إحداها،  يقول في محاضرة بتاريخ 3-12-2004 ،( ص 298): « إن حركة الاصلاح الشامل ، الذي ينادي بها الجميع لا يمكن أن تتأتى إلا بجهد وضغط مؤسسات المجتمع المدني ( التي لا شك أن لها دورا سياسيا )، يتجسد في حركة النضال باتجاه صيغة توحد عمل مؤسسات المجتمع المدني العربي . …..إن شمول المنطقة يالنزاعات المسلحة من خلال الاحتلالين اللذين تعاني منهما ، ونوازع السيطرة على المنطقة لأكثر من سبب ، …. فقد طفح كيل مشاعر أهل المنطقة بكيل الولايات المتحدة الامريكية بمكيالين في تعاملها مع إسرائيل والفلسطينيين وقضيتهم من جهة ، ومن دفاعها عن الديمقراطية وحقوق الانسان واحتلالاها العراق من جهة أخرى … « ، ولم ينس الكاتب ، الاشارة الى ما تعانيه المنطقة من المشاكل المحلية  في العالم العربي ،  إحداها ، مسألة الديمقراطية  والحكم الرشيد   ، إذ يقول : «   … إلا أننا وفي الوقت نفسه ، نعاني في منطقتنا من الحكم الشمولي ، الذي يغيّب الديمقراطية وتعزيز دور مؤسسات الحكم ، كما نعاني من غياب الحكم الرشيد …… «

 كتاب طاهر المصري فيه الكثير من الأراء والجرأة والفكر ، ويمكن قراءته في أي و قت ، لأن مشاكلنا العربية والعالمية والاحتلال الاسرائيلي مشاكل مزمنة . لقد  آن الاوان أن تنهي ، علّ الجيل الجديد يتمكن من صنع  حياة  أفضل  للأجيال القادمة .   

وكل عام وأنتم بخير ، وقراءة  ممتعة ..

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment