كما نعرف  عن المجتمع المدني، بأنه , مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها.    وهو  يختلف عن المجتمع الرسمي ،  لانه يتكون من مجموعات ينتسب اليها أعضاؤه  بمحض ارادتهم  ، مثل الاحزاب السياسية . السؤال يظل ، لماذا لم تتمكن  الاحزاب الاردنية من الفوز في الانتخابات الاخيرة  بنسبة كبيرة ،  لتملأ الفراغ وتحقق مصالح افرادها  كما المطلوب ؟

 تاريخيا ،  كان للأحزاب هدف مشترك بعد النكبة الفلسطينية 1948  وتغير النسيج الاجتماعي ، وهو المطالبة بتحرير فلسطين ، والوقوف في وجه الاحلاف . ونشطت الاحزاب التي كانت  تعتبر امتدادا لاحزاب المنطقة العربية  وهي : جماعة الاخوان المسلمين والتحرير والبعث العربي الاشتراكي والقوميين العرب والوطني الاشتراكي والامة العربي الدستوري . الا أنها اصيبت بنكسة قوية في اواخر الخمسينيات  لغياب الديمقراطية ، وعاد ت  بعد  الانفراج الديمقراطي ، 1989. لقد شجع هذا التحول الى نشأة أحزاب جديدة ، هي حزب  المستقبل ، والتقدم والعدالة , واليقظة ،والعهد والوطن والتجمع الوطني الاردني . إلا أن  هذه الاحزاب الجديدة لم تتمكن من اثبات حضورها ولا الاحزاب التقليدية ، ما سبب عزوف  الكثيرين عن  الانتماء  لعضويتها .

 لقد أصبح بين الدولة والمجتمع المدني من تجمعات أخرى هوة ، وليس تكاملا كما هو المطلوب  بالاضافة  لعلاقة عدم ثقة ، رغم كل المحاولات ، لاعادة بناء الاحزاب والمشاركة بها ، لا بل دعمها ماليا ، وقد انشئت وزارة التنمية السياسية لهذه الغاية التي للان لم تتمكن من النجاح . وقد يعود ذلك لاسباب عدة منها، أن المجتمع المدني ، هو الفعل الارادي الحر ، بمعنى أن الفرد يختار بارادته انتماءه بالفكر والعمل، إلا أن  الفرد في مجتمعنا  ليومنا هذا في زمن مفتوح على العالم ، ما يزال مجتمعا فيه كثيرا من الارتباطات الموروثة والمفروضة عليه  مثل الاسرة والعشيرة ، وفي هذا السياق كثير من الاحزاب لم تتوفر فيها الشروط اللازمة لمفهوم الاحزاب في المجتمع المدني .

 وهناك ركن أخر يؤثر على نشاط ونجاح الاحزاب ، بل لعله الأهم ، وهو أن  هناك قواعد متفق عليها من كل الأطراف ، الا أن اختلال ذلك يسبب ازمة الصراع الدائمة بين المجتمع المدني والسلطة كان في أغلب الاحيان يسد الطريق  . وقد أصبح للديمقراطية في عالم اليوم كما يبدو  مفاهيم مغلوطة  لتخدم مصالح جهة على أخرى أو لخدمة مصالح افراد على أخرين ، بالاضافة    لما يجري في المنطقة والعالم من جنون في تحطيم مفاهيم الديمقراطية ، التي تحولت لتخدم مصالح التدخلات الاجنبية التي تدعي انها ديمقراطية والتي خلقت تكتلات واحزاب  ظاهرة ومخفية لتعيث خرابا في كل مكان في هذا العالم غير الانساني . .

 لقد أتت الانتخابات السياسية بالاردن  في ظروف إقليمبة ودولية أثرت على الافراد بشكل سلبي ، من احباطات ، الى عدم ثقة ، الى نظرة توجس من الذين يبحثون عن الكراسي والمراكز لخدمة مصالحهم الشخصية ، وبأ ي ثمن . ولعل ما حصل من استعمال المال وشراء الأصوات ، ما زاد في تكالب الغث والسمين ، من اجل حلم الوجاهة وليس الدفاع عن مصالح الفقراء والمهمشين .

 أثار الإحباطات لمن يؤمن” اننا نستطيع “  بعد انتخابات جُرب فيها قانون حديد  لم يشجع الكثيرين  للمشاركة . فهل سيخفف البرلمان الجديد بمن فيه من احزاب قليلة ، ما يعيد الثقة للعمل الجماعي والحزبي  والديمقراطي    بشكل صحي وليس برجاء من المؤسسة “ الوزارة “ التي انشئت لهذا الهدف ولم تنجح للان .؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment