خبر محليّ أسعدني اليوم ، وأنا أقرأ الصحافة المحلية ، أن أمانة عمان الكبرى ، “ أغلقت منذ مطلع نيسان الماضي 80 محلا ،” كوفي شوب”ومطاعم نظرا لمخالفتها قانون الصحة العامة من منع التدخين وتعليمات تقديم الاراجيل…. “ . جاء الخبر في محله والعلم والعالم يتكاتف في مواجهة المرض بالحملات حول مضار التدخين على الصحة لأنه يسبب السرطان . حملات واضحة اليوم ومكثفة ، في المجتمع وعلى جميع المستويات تشير لذلك في عمان . صور عائلات ، وأطفال يرجون أمهاتم وأخواتهم وكل النساء لضرورة إجراء الفحوصات المبكرة ، لاكتشاف المر مبكرا إذا ما وجد . ولعل هذا الرجاء من أقرب الناس للناس لها معنى ومغزى ، وهو أن هناك إمكانية لبقاء الأم أو الأخت أو القريبة أو الجارة أو أي مريض حيّا يستمتع بحياة جسدية ونفسية لكل فرد من هذه العائلة على الاقل ، أذا ما عرف أهمية الفحص الطبي لمرض السرطان .


خصص مركز الحسين للسرطان في الأردن ، كبقية مراكز السرطان في العالم ، هذا الوقت من كل عام لالقاء الضوء على مرضى سرطان الثدي ، الذي يشكل أعلى نسبة بين النساء . ولن أتحيّز هنا لسرطان الثديّ ، بل أنتهز الفرصة ، وأن أقرأ الخبر بأن أتناول جهود مركز الحسين للسرطان في الأردن ومنذ سنين ، التنبيه الى مضار التدخين على الصحة العامة الذي ثبت علميا أنه يسبب السرطان . فمنذ سنين وهذا المركز المتخصص الذي أصبح منارة طبية وعلمية ، تشع بنتائج الفحوصات والأبحاث التي تدعو للتوقف عن التدخين . ورغم الجهود الواضحة من الأطباء والمهتمين والصحافيين ووسائل الاعلام ، يبدو أن الرسالة لم تصل بعد وهي : أن التدخين مضر بجميع أنواعه من السجارة ، أو دخانها لمن يجلس بجانب المدخن أو المدخنة ، أو بواسطة الأرجيلة ، التقليدية أو العصرية ، التي تبدو أكثر” موضة “ ، وهم يلهون أنفسهم بها لتمنع النتائج . وهم بذلك كما أرى مستمرون بالترويج غير المباشر للتدخين ومضاره.


وفي هذا السياق ،ومن أجل مساعدة المركز ، وحرصه على التوعية، فإن إقفال، المقاهي والمطاعم التي تبحث عن الربح بدل الصحة والحياة ، يعتبر تعزيز لجهود الاطباء والمؤسسات الطبية وغيرها للحفاظ على الصحة العامة ، للمرأة والرجل والطفل والشيخ والتي ما فتئوا بالدعوة لها . مجتمعنا اليوم ، الذي يسير في عملية التنمية نراه يتعثر ، بمثل الممارسات الاجتماعية المغلوطة ، التي أصبحت “ ظاهرة “ عامة ومقبولة ، بل موضة يجري وراءها الباحثون عن قتل الفراغ ، أو الباحثون عن” المتعة والكيف “ . وهنا بلا شك مفهوم خاطئ لدور المقهى الاجتماعي . فالمقاهي فعلا كانت وما زالت المكان الذي يلتقي فيها الناس ، لتبادل الحديث والأراء ، وقراءة الجديدة وتبادل المعلومات ، بما فيها الصحيحة وغير الصحيحة ، بالاضافة لنسج الاشاعات والانتقادات ،من سياسية واجتماعية ، بالاضافة للترويح عن النفس ، بشرب فنجان قهوة أو شاي أو زهورات .. !


كان للمقاهي في عمان تاريخيا ، قيمة اجتماعية ، وكانوا يدخنون التتن ، والدخان ، والأرجيلة ، وهم يلعبون الطاولة والشدة ، ويناقشون أخبار بلداننا العربية التي تخرج من استعمار ،” ليزقطها “استعمار آخر ، وكما هو الحال للان . ورغم الجهل عن مضاره الذي لم يعرفوه في السابق ، كان للتدخين محلا ، أما اليوم ، فلا عذر لمريدي المقاهي من تنفيخ همومهم من خلال الأرجيلة التي لها مقاه ، تقدم الملوّن ، والأبيض والأسود والموسيقى العالية تصدح لتعتم على المخفي من الأضرار باسم الكيف . حسنا فعلت أمان العاصمة باقفال المقاهي المخالفة التي أرجو أن تصبح كلها مخالفة اذا ما قدمت الأرجيلة . وشكرا لمركز الحسين للسرطان المستمر في رسالته الإنسانية لاكتشاف أسباب المرض ، ومعالجته لإبقاء الإنسان ، يردد قول درويش ، “ على الارض ما يستحق الحياة . “ وتحية لمن يتوقف عن التدخين فورا !

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment