بعد عقود من ثورة وسائل الاعلام، والاتصال نجد انها من اهم الثورات وأخطر الثورات المعاصرة في عملية تطور حياة الانسان الاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية بعد الثورة الصناعية . اصبحت هذه الوسائل التقليدية والحديثة تؤثر وتسيّر حياة الناس والاعتماد عليها في نقل وتوزيع المعلومة، كمصدر أساس . فالراديو، التلفزيون، والصحيفة المكتوبة، لها اهميتها، ولم تلغ منزلتها رغم توالد الجديد من وسائل الاتصال الحديثة من المحمول والثابت من الكمبيوتر وغيره من الموبايلات التي خلقت العالم الافتراضي للكبير والصغير . بالاضافة، ما زال الكتاب والدراسات العلمية، التي توافر المعلومات الموثقة كمراجع، من اهم ما يوفر مادة للدراسات الجديدة المتخصصة .
أعود في هذه المقالة القصيرة الى وسيلة إعلام هامة” ومتخصصة بالمرأة العربية “ هي المجلات النسائية المتواجدة في عالم اصبح غير عالم الامس، في الستينيات، حيث كانت المجلات النسائية اقل عددا . كان بحثي لدرجة الماجستير بالصحافة،” مقارنة بين المجلات النسائية العربية والامريكية “حيث درست مجلتين لكل جانب لمدة سنة . ولعل المفاجأة آنذاك، أنه رغم تقدم المرأة الأمريكية في الحياة عن المرأة العربية، إلا أن النتيجة كانت تشابه الصورة النمطية للمرأة في المجتمعين المختلفين، ودورها التقليدي “ كأم، وزوجة وربة بيت .” بقيت هذه الدراسة وثيقة ومرجعا لي ولغيري، وإن كنت لا اقوم ببحث مشابه أو خاص اليوم، بل للتسلية وتضييع الوقت عند الحلاق “ الكوافير “ أسبوعيا، ومنذ سنين، واصراري لمواكبة التغيرات لصورة المرأة في مجتمع متغير .
وفي السياق نفسه، أجد ان المجلات النسائية العربية المتعددة المصقولة التي، أتصفحها كل اسبوع، تمثل المرأة وتبرز صورتها التقليدية الأولى وهي موجهة لشريحة من نساء النخبة . فهي ما زالت تبرز الجمال النمطي والملابس ومواد التجميل والدعايات المتعلقة بذلك، والطبخ، والديكور، وأخبار نجوم السينما والفضائح، والزواج والطلاق وتجعل بعضها المرأة انسانا مستهلكا أكثر منها منتجة، بالاضافة لسلعة تستعمل في الدعاية . وقلما وجدت مقالات جادة عن المرأة المنتجة في ادوارها الاجتماعية وعملية التنمية المستدامة وقد حصل تغيير فيها . أو مثلا التوعية والتثقيف حول الصحة، مثل مرض السرطان، وأهمية الكشف المبكر عنه من أجل علاج، أفضل لقهر المرض وهو الموضوع الذي يهم كل انسان من امرأة ورجل، وهو موضوع الساعة هذه الأيام في المنطقة العربية كما العالم .
المجلات النسائية التي أتصفحها اسبوعيا، يمكن ان تكون وسيلة اتصال وتثقيف للمرأة، في دورها التقليدي المهم، أو الأدوار الاخرى التي انتقلت اليها لتشارك في صنع الحياة العصرية بشكل أكثر ايجابية، وكيفية التعامل مع المستجدات وليس فقط من أجل الدعاية لصنع الجمال . فأنا شخصيا تمنيت لو اجد في هذه المجلات “المتخصصة بالمرأة “ – التي أجد لها أهمية – ما يفيدني، ويضيف لمعلوماتي الجديد . المجلات النسائية غالية الثمن، والمصقولة يمكن ان تكون وسيلة تدفع المرأة للقراءة، وليس فقط “التفرج “ على الصور . ولعل هذا ما يدعوني ليس لالغائها، بل لتطويرها ونشرها لتصل الطبقة المتوسطة العريضة، لتستفيد منها كام وزوجة وربة بيت بالاضافة لانسانة تسير مع التنمية والتطور الفكري والثقافي، ولو بقدر قليل . فالمجلات والقراءة والانفتاح على العالم، بأسلوب صحيح، تظل في النهاية افضل من نقل المعلومة الخاطئة أو غير الهامة في التجمعات النسائية التي ما زالت موجودة في مجتمعاتنا وفي بعضها تنسج الأخبار الصالحة والطالحة . .