لم يكن كاسترو زعيما عاديا ولد وعاش وحكم ثم مات ، ليسجل التاريخ اسمه . هذا الزعيم ترك أثرا يختلف عن كثير من الزعماء في العالم ، ولعل تسمية البعض له “بالأسطورة “ صحيحا بعد أن حكم 50 عاما بدأ شابا ابن 32 سنة ليموت وعمره 90 عاما . يأت من جزيرة صغيرة في الكاريبي ، جارة أمريكا الدولة الأكبر والأغنى في العالم وهذا الأهم ليتحداها طوال حكمه . أسس نظاما اشتراكيا مغايرا للنظام الرأسمالي في وقت كان العالم يعيش الحرب الباردة بين القطبين الأقوى : الاتحاد السوفياتي ، والولايات المتحدة الأمريكية . وتمكن من البقاء بعد أن انهيار المعسكر الاشتراكي ليتحدى أقوى دولة في العالم .


يبدو أن كلمة السر في هذه الثورة هو حب شعبه له والتحدي الكبير الذي راهن عليه رغم من عارضوه ورحلوا لأمريكا الرأسمالية بمن فيهم ابنته . أما المؤمنين به ، فقد وعدهم فأوفى بقدر المستطاع . تمكن من ارضاء الفقراء الذين وفر لهم التعليم ، والصحة والعمل ، وحافظ على كرامتهم بالأكل من عرق جبينهم وإن لم يصلوا للرفاهية المادية كما في المجتمع الأمريكي الجار . وتمكن” فيديلو “ كما يناديه من احبوه ’ أن يسعد الكثيرين ، كما يغضب الكثيرين كوالدته عندما أممّ ممتلكات العائلة الغنية . أحبه الشعب لأنه تمكن من تحقيق الخطط التي وضعها وليفتح باب الأمل والسعادة للكثيرين ، ولعل شهادة بانكي مون الأمين العام للأمم المتحدة التي راى فترة حكم كاسترو ايجابية فقد ،خدم شعبه .


وفي هذا السياق ، يبدو أن شبح القائد الذي اصبح أيقونة للعالم الفقير , تخيف ترامب الملياردير الرئيس الجديد لأمريكا . إذ يصف كاسترو” بالوحش” . متناسيا أن هذه الكلمة في عصرنا هذا تطلق على النظام الراسمالي” المتوحش” الذي سمح له من خلق هذه الهوة الكبيرة في العالم بين الغني والفقير ’ وبين الحب والكره ’ وبين العدالة و المساواة والانسانية وبين الحرب والسلم ’ وتحت مسميات كثيرة منها الديمقراطية وحقوق الانسان .نرى ترمب اليوم يملأ الدنيا صراخا وإن بطريقة غير مباشرة أنه يؤمن بالعنصرية علنا وهو ينوي طرد الاجانب من أمريكا ، كما أنه سيبني جدارا ليمنع دخول المكسيكيين. من المبكر التكهن عن نوع العلاقات التي سينتهجها ترمب ، مع كوبا وقد عادت العلاقات الديبلوماسية بينهما 2015 . إن التاريخ سجل لكاسترو ، أنه لم يتراجع عن اهدافه ومبادئه طوال حياته ، وهو يتحدى لمدة خمسين عاما لخدمة شعبه ، لم يتراجع وظل يقوم بعمله بكرامة كما يجب أن يكون القائد الرمز .

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment