الخوف من الحروب المتواصلة واثارها المدمرة ، وعذاب المهجرين لفقد وهدم دورهم ،والتي نراها بشكل يوميّ بواسطة وسائل الاتصال ، في اكثر من مكان في المنطقة والأخبار الكثيرة التي تتزاحم حولها لتدمي القلب ، تشكل السبب الرئيس لجعل الناس مكتئبين في عمان كغيرها من العواصم العربية . إلا أن صورا وأخبارا عن مبدعين قد تدخل البهجة والأمل لنفوسنا من مدة لأخرى . وقد لاحظت أن الأخبار الإيجابية عن الإبداع والمبدعين تؤثر في نفسي كالدواء ، اذ أخذت منه في الفترة الأخيرة ما يكفي ليجعلني أتناول موضوعا ضروريا يبرز ثم يختفي ، وبشكل مزاجيّ.
من أخبار وسائل الاتصال عن المبدعين : جيهان درويش بسيسو ، مع زملائها ، سماح سبعاوي ، ورمزي بارود ، مؤلفو ديوان شعر يحمل عنوان I Remember My Name يركز على الفلسطينيين تحت الاحتلال فاز بجائزة عالمية عن دار nuvum البريطانية . وهدى الحسيني” تحصد الفضية في جوائز ستيفي العالمية “ للنساء في الاعمال لعام 2016 ، ويحصل طلاب مدرسة اليوبيل على المراكز الأولى في مسابقات “ كوفاس العالمية “ ،وسولاف ومروان يحصدان المراكز الاولى بحل مسألة حسابية، ويدل ذلك على القدرات العقلية الكبيرة … أمثلة كثيرة غيرها تتناقلها وسائل الاعلام والاتصال بشكل ايجابي عن المبدعين الأردنيين الشباب او الشيوخ، تسعد القارئ ، وكأنه من أهل المبدع . اما لماذا هذا الموضوع الآن ، ونحن نشكو من الهم والغم ، كما قلت بالسابق ، والجواب السريع هو : لحاجاتنا الفردية والجمعية الماسة لادخال البسمة والسعادة على مزاجنا المكدر دوما ، وثانيا لتسليط الضوء على الابداع والمبدعين في مجتمع يرفع أو يهمش المبدعين باسلوب دعائي عشوائي وليس لاستدامة الاهمام بهم .
فالابداع في هذا السياق ، يحصل بسبب عدة عوامل عقلية وبيئية واجتماعية وشخصية وهناك دوافع ذاتية داخلية بيئية ومعنوية تسببها ليصبح الفعل ميزة وعمل ابنكاري مؤثر في المجتمع . إحداها مثلا النفاشات التي تدور مؤخرا حول المناهج المدرسة ، وهو موضوع يطول كما نعرف ، ولعل ما ينقص المناهج هو ايجاد الوسائل الابداعية التي تخرج قدرات الطلاب على خلق شئ جديد ، ودمجه عمليا في الحياة مع استعمال الخيال لتطوير القديم حتى تسد الحاجات بطريقة جديدة أو عمل ملموس .
فالابداع كما يقول الباحث ( هارولد اندرسون ) هو عملية انتاج تشهد كل لحظة من لحظاتها “ . وكما نعرف فهو يشمل جميع مناحي الحياة من الأنشطة الانسانية المختلفة منها : الكتابة والشعر ، والتكنولوجيا والعلوم والاختراعات الصغيرة والكبيرة ، واستعمال الحاسوب وادوات الذكاء الاصطناعي ،و تحفيز الطاقات العقلية والذهنية ، مثل حل المسائل الرياضية ، وسرعة القراءة , والرياضة بأنواعها والفن ، من موسيقى ورسم وحفر ، واعمال يدوية ، وفن العمارة والهندسة وغيرها من الانتاج الانساني المستمر .ولا بد من ايجاد مبادرات شبابية ومؤسسات تهتم بتشجيع وخلق الابداع ، وصقله وتطويره ليكون مفيدا للمبدع والبيئة والمجتمع . هؤلاء المبدعون يستعملون الجديد من ادوات العصر المادية والذاتية ، . ولا شك أن الابداع يحتاج لمزيد من الاهتمام والمأسسة مع اطلاق العنان للحريات الذاتية لانتاج المميز والجديد ، خوفا من الالة التي تهدد الإبداع الانساني وخصوصيته .