جلست أمام التلفاز لساعات أنتظر قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2334 كما كنت منذ 36 سنة أنتظر القرارات التي اتخذها المجلس والمتعلقة بفلسطين وآخرها في آب 1980 ، ومجموع اعدادها للآن ثمانية . لا أدري لماذا كنت هذه المرة على يقين أن القرار سينفذ من مخالب الفيتو الأمريكي , وعلى الأقل لم يستعمل واكتفت -سمانثيا شقراء أمريكا في الأمم المتحدة -، بالامتناع عن التصويت . صفقت وقلت «برافو» .. بعد أن رفع 14 ممثلا للدول في الامم المتحدة الأيدي ليقولوا .. نعم .. للفلسطينيين الحق في دولة مستقلة .. ونعم للأمل الذي قد يظل منورا للفلسطينيين ، وايضا لا .. لا.. لمزيد من التغول الصهيوني في بناء المستوطنات ، وسرقة الأراضي ، وقتل الانسان .. نعم لإحباط اسرائيل ، وتذكير العالم أن الفلسطيني مدعوما بالعالم الذي يسمع ويرى الفلسطيني يقول … أنا هنا .. وسأرجع يوما .. اصابني نوع ما من السعادة التي كانت في الماضي تأخذني الى أحلام ، كنت اعتقد انها ستحقق ، لأن طبيعتي من النوع المتفائل الذي يعيش اللحظة السعيدة , وتدمع عيني عندما أفرح . نعم فرحت .. وتمنيت لو يتحقق ولا يوضع على الرف مع القرارات الأخرى التي اتخذت سابقا ..
يأتي هذا القرار الدولي والعالم يتخبط ويغرق في الحروب الأهلية والاقليمية ، والدولية . ولعل الحقائق عن مآسي المعذبين جراء ترحيلهم من منازلهم أو هدمها فوق رؤوسهم في غير مكان ، تذكر بالقضية الفلسطينية التي كثيرا ما همشت . القرار ، أكد أن ما جرى للفلسطينيين عام 1948 وإقامة اسرائيل ما تزال من أبشع القضايا التي ارتكبت ضد أرض ووطن وانسان.بعد اتخاذ القرار قامت قائمة نتنياهو الذي يبدو ضائعا تائها ملهوفا للعودة للوراء لكي يستمر في تزوير الحقائق .نتنياهو وأمثاله من اليمين الإسرائيلي الذين يعاقبون الفلسطينيين ويعدمونهم يوميا غاضبون اليوم من قرار اتخذ باجماع العالم بأنهم مجرمو حرب.
ولنذكر بحقيقة ومثال واحد : تقول الحقائق التي يعرفها العالم الذي وافق على القرار ، بأن إسرائيل ولحد حزيران من هذه السنة ، زادت نسبة المستوطنين بنسبة 80% في محيط القدس ، وأن هناك مخطط إسرائيلي بطرد 200 ألف فلسطيني من القدس المحتلة . يعرف العالم بأن مجموعة متطرفة تطلق على نفسها إسم» أرض إسرائيل «في الكنيسيت شرعت بالتعاون مع مستوطنة «معاليه أدوميم «، وتقوم بحملة واسعة مع المجلس الإستيطاني في الضفة الغربية المحتلة باجراء حملة من أجل فرض السيادة الإسرائيلية على المدينة الإستيطانية المقامة على الأراضي الفلسطينية . هذا مثال واحد ، قد يكون أحد الأسباب في تصويت العالم ضد استمرار إقامة المستوطنات وتسمينها وتوالدها في جميع انحاء الاراضي المجتلة . ولا بد أن الكثيرين من أنصار القضية الفلسطينية والدول التي تبنت رفع القرار لمجلس الأمن -بعد أن تراجعت مصر عن ذلك -. ولعل هذه الخطوة ما يزيد الانسان تفاؤلا بأ ن العالم من كل الأجناس والمذاهب والديانات سارعت لانقاذ الحدث لتندد بالمستوطنات واستمرار إسرائيل بتحدي العالم لسرقة أرض فلسطين العربية لتبنى عليها المستوطنات القبيحة.
نعم ! سعدت وصفقت ، رغم شكوكي بأن القرار» سينفذ « مثل غيره ، إلا أنني وأنا متابعة للتحول الايجابي النسبي في الرأي العام العالمي نتيجة جهود الفلسطينيين وأنصارهم في الأمم المتحدة وفي عواصم العالم ، أن هذا القرار سيعزز عزلة إسرائيل التي بدأها الفلسطينيون على منصات الأمم المتحدة المعنية ، وبخاصة وأن هناك علم على تلك الدار العالية يرفرف (علم دولة فلسطين ). نعم لمثل هذه التحركات والقرارات الدولية التي يسجلها التاريخ . سعدت وصفقت رغم كل ما يعكر صفو نفسي من القضايا التي تحطم العالم العربي ، ورغم الخلافات الفلسطينية . القرار بالغ الأهمية في زمن الحروب التي همشت القضية الفلسطينية . فهل يمكن أن نعمل معا وعلى جميع الصعد لتطبيقه ، وعدم السماح أن يغطيه الغبار ؟