من المصطلحات التي انتشرت في المدة الأخيرة، كلمة العنصرية، وقد وصف بها أخيرا الرئيس الأمريكي الجديد ترمب، ومن قبله الزعماء الاسرائيليون سارقو الأرض  وآخرهم نتنياهو، الذي يطبق المفهوم بشكل دقيق . ولعل شهادة ذاكرة الفلسطينيين المقتلعين من أرضهم توضح ذلك ومنه ما تبقى من قرية لفتا المقدسية .


فرغم أن لفتا قرية مهجرة منذ عام النكبة 1948، ترك أهلها المكان عن بكرة أبيهم، إلا أن  إسرائيل عينها  دوما على هذه القرية  المقدسية  وإن كانت مدمرة . بيوتها الباقية  لا تتجاوز “الستين “ في( الجذر) أي القرية القديمة التقليدية، أو لفتا التحتا  بدورها عالية القامة وجميلة الطلة .  ولعل هذا الحجر ما يضيف لاهتمام إسرائيل بالتحرش بها  لأنها الشاهد على ما حصل للقرى الفلسطينية  الـ 500 التي أزيلت من الوجود .  وكان هذا العمل الاجرامي بناء على خطة عنصرية صهيونية كشرط  للتطهير العرقي الذي حصل للفلسطينيين . 


التخطيط بعقلية المستعمر العنصرية  لم يأت صدفة، بل كان عن سبق إصرار لاقامة “ دولة إسرائيل “، وهي تتضمن هدم القرى المقدسية لتفتح الطريق الى الساحل الفلسطيني  كما خطط بن غوريون، واحتلها أو هدمها  لبناء المستوطنات على أنقاضها تماما كما يفعل نتنياهو اليوم غير عابئ بالانسان وحقه بالوطن  ب والبيت والأمان . . لم تهتم إسرائيل أنذاك بإبقاء دور لفتا والقرى الجميلة  فموقعها كان خطرا على العصابات الصهيونية الهجانا وشتيرن للوصول للقدس والساحل .  فلفتا كانت تشكل البوابة الغربية للقدس كما بوابة أخرى إلى شمال  فلسطين .


لا تغفو عين إسرائيل، ولا تزال لفتا أو ما تبقى منها تغيظها ولذلك تلاحقها  وعينها عليها  وهي،  وراها .. وراها.. وبخاصة أن شهية إسرائيل الاستعمارية  مفتوحة لبناء المزيد من المستوطنات لطمس الهوية العربية الأصيلة . مخططات إسرائيل هي بناء حيّ يهودي عصريّ على أنقاض المكان التاريخي لتسكن فيه أغنياء يهود العالم . وتمهيدا لذلك منذ احتلالها غيرت اسمها الى”  ميّ نفتوح “. وللآن احبطت مخططات إسرائيل، بفضل نشاط اهلها والمهتمين( مثل مجموعة 1948 حتى لا ننسى لفتا ) .( للمزيد  كتاب – لفتا يا اصيلة : خريفية قرية ).


إسرائيل تقوم  بالتحرش بحجارة لفتا والقدس  وذاكرة أهلها، كلما اعتدت على القدس من مكان وإنسان وذاكرة  وقدسيتها باحتضانها المسجد الاقصى الذي كان قبلة أهل لفتا والقرى للصلاة والتعبد به . . لفتا ضمت إداريا الى بلدية القدس عام  1934 . وإسرائيل اليوم  مستمرة بإقامة آلاف الوحدات السكنية الاسيتطانية في القدس المحتلة،  وهناك دوما هجمات  استيطانية جديدة .. وقد أصبح واضحا للعالم اليوم وبخاصة بعد قرار اليونسكو حول القدس والأقصى  2234 ( 2016) محاولتها تزوير التاريخ التراث والهوية .


لفتا المقدسية اليوم لا تنام أيضا،  وهي تراقب مخططات نتنياهو إسرائيل وهو يتشبث بخطط  أسلافه  الذين أقاموا الدولة اليهودية العنصرية على أنقاض لفتا والقرى المقدسية المندثرة، ويبحث اليوم  عن تحقيق يهودية الدولة .   وقد تباشر نتنياهو خيرا بنجاح ترمب العنصري . ووجد فيه المعززالمنقذ، وبخاصة وهو يتبجح بعائلته وأحفاده ويفرق بين المعتقدات الدينية .  ويسمي المسلمين بالإرهابيين . وليس غريبا ذلك، فهو ليس جديدا واسألوا لفتا بدورها الحجرية الصامدة عن معنى العنصرية والتطهير العرقي منذ النكبة .

وأسألوا عين لفتا في المكان الجميل في الجذر كيف أصبح ماء العين مكانا لتطهير المرأة اليهودية وحرمان أهلها من مائها وظلالها وسماع صوت مؤذن القرية يحيي على الصلاة . أفليس هذا أحسن مثال للعنصرية في زمننا هذا ؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment