ما زالت تلك الطفلة التي كتبت عنها  من قبل: “ لماذا خجلت من عيون  طفلة الشارة …”، تنصاع لسلطة أمها     ( أم حسن ) المختبئة في” قرنة “الشارع تراقبها وهي تسرحها لاستعطاف الناس لبعض النقود . هذه الطفلة التي في سن المدرسة7 سنوات،  تتنافس مع أخيها بحماسة ،، ودون شعور بالخجل أوضياع الكرامة تستفزني  ضد هذا العمل السلبي على الإنسان .   وقد كثر الحديث  هذه  الأيام عن الفقر والبطالة التي تثير الأعصاب لزيادة مؤشراتها الواضحة المكشوفة، أو المخفية في الأسر الكثيرة العفيفة  . ويكفي أن نعرف ان حالات الفقر تزداد هذه الأيام  . فالأردن يمر بمرحلة صعبة بسبب ما يجري في المنطقة والعالم من أزمات اقتصادية بسبب الحروب  التي تقفف عائقا أمام مشاريع التنمية التي لا يمكن أن نسميها” مستدامة “ بلغة الأمم المتحدة والتي بدأت منذ أكثر من عقدين من الزمن .

   ما يثير القلق فعلا، هو أن الفقر يطال بعض الاطفال وجيل الشباب الذي من المفروض أن  يكون  محورا أساسيا في التنمية، وبخاصة أن نسبة الشباب تشكل ما يزيد عن 65% .   بلغت نسبة التعليم بين الشباب في المدارس الثانوية 73 % عام (1997-1998) منها   75 %  من الاناث و70% من الذكور . وهناك 25% فقط من طلاب المدارس الثانوية يواصلون دراستهم في الجامعات، وذلك لأسباب عدة منها الفقر الذي يجبرهم  على العمل في سن مبكرة وحتى التسرب من المدارس في سن الطفولة  لمساعدة العائلات في الحياة المعيشية .

     وفي هذا السياق، هناك شكوى من الشباب أنفسهم ومن المهتمين، بأن تعليمهم لا يرتبط بمهنهم ككبار ولا يُهيئهم  للعثور على وظيفة مرضية . ولعل شكوى الكثيرين من أصحاب العمل من وقت لآخر من قلة الخبرة واتقان العمل ما  يدفعهم لتدريبهم لمهارات ضرورية مطلوبة للعمل . وهذ يعيدنا الى ما يثار من نقاش هذه الأيام حول  المناهج التعليمية وسوق العمل . ولا  شك أن ثقافة المجتمع والصور النمطية السلبية لبعض الأعمال المعيشية التي تتطلبها الحياة ورفض المتواضع منها؛ ما يسهم في البطالة .

إن المساهمة في تقليل حدة الفقر والبطالة اليوم في مجتمع سريع التغير  ومفتوح على العالم تتطلب ثقافة مجتمعية تشجع الفئات المختلفة من الناس الى إنشاء المشروعات الصغيرة التي تبدأ بمبادرات في التنمية والتدريب والتطوع أيضا، واستعمال وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة استعمالا ايجابيا  يعزز الاعتماد على النفس .  وخاصة أن هناك مؤسسات تدريبية متخصصة مثل مؤسسة التدريب المهني التي انشئت في السبعينيات ولديها برامج تهدف الى متطلبات سوق العمل بشكل يساعد على تنمية مستدامة للفرد. ولديها أيضا برامج تتعلق بتدريب ذوي الإعاقة .

وبالعودة الى هذا التسرب من المدرسة مثل” طفلة الشارة” وعائلتها التي تستغل الطفولة من اجل “ دفع أجرة البيت “ كما تدعي الطفلة وأخوها، سيظل يستفزني من أجل  تدريب أمها أم حسن التي تنتظر في القرنة بدل أن تعمل عملا ولو بسيطا مثل تلك النسوة اللائي يجلسن امام المخابز وعلى أرصفة الشارع ليس للاستجداء، بل لبيع الخبيزة والزعتر والشومر ؟

المصدر

Leave a Comment

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

Comment