معركة الصحافة والاعلام وحرية التعبير، التي تثار بشكل كبير هذه الأيام في مجتمعات العالم النامي و “المتحضر على حد سواء “، تدعونا للوقوف عند هذا الموضوع القديم الجديد . ومن يراقب ما يجري في أمريكا اليوم في معارك بين ترمب – رئيس الولايات المتحدة القادم بعد أسبوع- وعلاقته مع الاعلام التقليدي والجديد، ما يجعلني اكتب حول ذلك، وهذا يذكرني بالعودة لحقائق، تتعلق بالقوانين والمال والسلطة والتلاعب بمعاني الديمقراطية وحقوق الانسان وبالاخلاق أيضا والتي لا يجملها المال ولا المركز .
استغربت في مؤتمر صحفي لترمب، كيف تحدى كل القوانين للإجابة أو عدم الإجابة والتفاعل مع الصحفيين . لم يجب ترمب الصحفي لأنه يمثل( السي إن إن ) بقوله له : “ مؤسستك بغيضة “، وعندما الح الصحفي بالسؤال مرة اخرى ليقول له، بكل عنجهية “ لا تكن وقحا .. لا تكن وقحا “ ليؤكد مثالا للغرور والقوة لمسؤول متسلط. ولعل ذلك يأتي بسبب الخوف من الصحافة وتأثيرها على الرأي العام المنقسم حول الرئيس المنتخب، وعهده المستقبلي الغامض في البيت الابيض .
كان ولا يزال في العالم قوانين تنظم الصحافة والاعلام التقليدي والجديد . واختلفت هذه التنظيمات والقوانين من دولة لأخرى ما تسمى بالديمقراطية، أو السلطوية . وأعود بالمعلومات حول قوانين المطبوعات، التي تضر بقدر ما تنفع . فكما نعرف ونعيش، ففي الأردن قانون الصحافة الذي يضبط وسائل الاعلام الجديدة “ الالكترونية “. التي أخذت تتزايد وبعد فوضى استعمال المعلومات بشكل تنافسي واضح، وضعت الحكومة عام 2011 قانونا للمطبوعات والنشر لتنظيم الآلة الاعلامية الجديدة بترخيص 290 موقعا .
تمتعت المواقع بحرية التعبير التي انتشرت بالفضاء مع اتساع اقبال الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء للتسلية أو من أجل المعلومة، أو للاستعمال التجاري والدعائي أو السياسي للتأثير على الرأي العام أو صناعته وغيرها . وقد استعملت الصحافة الالكترونية استعمالا ايجابيا بالوصول للناس من جميع التجهات السياسية والفكرية، والدينية، والاجتماعية . هذا” الجديد “ في وسائل الاتصال والاعلام، لم يخف حقائق عن ممارسات غير مرغوبة أو غير مرغوبة للناس من المسؤولين وغير المسؤولين في الساحة . وعرف الناس من المعلومات الشرعية أو المسربة عن الفساد، والفقر، والبطالة وعن المستوزرين ومحبي الكراسي، وعن الوساطة، وعن الحب والكراهية، التي تفشت بين افراد وجماعات منتمية للنافع والضار في زمن الحروب والدماء وقتل الأطفال بدم بارد . صور وحشية، وصلت للناس في بيوتهم عبر حرية الآلة لتؤذي الحس الانساني وتشوه معاني الانسانية وحقوق الانسان .
كل هذه الصور، توجب نوعا من التنظيم لتصويب دور وسائل الاتصال، وليس منع الحقائق والمعلومات، ولكن ليس عن طرق خنق حرية التعبير التي تخدم الصحفي ليخدم الناس .
هناك دور هام لمؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية والثقافة، لتوعية المتلقي للمعلومات والحكم عليها بأخلاق انسانية ووطنية، ولا اعتقد أن هذا من الضروري أن يدفع الدولة لوضع قوانين تشريعية جديدة لتنظيم اخلاق الافراد . فالذم والقدح وتطاول اللسان والشماتة وتحقير كرامة الانسان، وغيرها من الصفات التي يجرمها القانون، لا تُصّلح بقانون أو عصى أو سجن أو اغلاق موقع أو ايقاف صحافيّ مهني أو هاو مغرم بوسائل التكنولوجيا الحديثة كما هي الحال اليوم . فمن الأحرى ايجاد الوسائل الممكنة لتقويمها من قبل مشاركة الجهات المعنية على أن تصبح ثقافة عامة، كما هي واجب أخلاقيّ . !